مجتمع

مذكرة ترافعية: من أجل قانون جنائي أساسه الحرية والمسؤولية والكرامة

إيمانا من جمعية بيت الحكمة بضرورة مساهمة المجتمع المدني، كقوة اقتراحية أساسية،  في ترسيخ حقوق الانسان في طابعها الكوني، قررت الجمعية توجيه مذكرة ترافعية الى السلطات العمومية  وجميع الفاعلين السياسيين والنقابين والهيئات المدنية وعموم الرأي العام  تحت عنوان:” من أجل قانون جنائي أساسه الحرية والمسؤولية والكرامة” ، داعية الى تغيير القوانين الجنائية التي تكرس انتهاك الحريات الفردية،  ولا تتلاءم مع مضامين المعاهدات والمواثيق الدولية التي أقرها المغرب، ومع روح دستور 2011. 

وترتكز توصيات المذكرة الترافعية حول خمسة محاور كالتالي:

أولا: الحق في الحياة يستلزم إلغاء عقوبة الإعدام 

استنادا إلى الدستور وخاصة الفصلين 20 و22 منه، وجميع الاتفاقيات الدولية وخاصة المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  فإن بيت الحكمة تدعو إلى:

    التوقيع والتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن عقوبة الإعدام

    إصلاح شامل لمنظومة القانون الجنائي المغربي لملاءمة السياسة الجنائية مع الفصلين 20 و22 من الدستور اللذان ينصان على الحق في الحياة والسلامة الجسدية والمعنوية لأي شخص ومع المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  وذلك من خلال الحذف التام لعقوبة الإعدام من النصوص الجنائية

ثانيا: حرية المعتقد أساس المواطنة الكاملة

 حيث إن حرية المعتقد هي أم الحريات، و أساس الديمقراطية  وتؤسس للمساواة بين المواطنين ومكافحة التمييز لا سيما فيما يتعلق بالأقليات، وتساهم في تمتع جميع المواطنين والمواطنات، مع احترام اختلافاتهم وتنوعهم، بنفس الحقوق خاصة السياسية منها. ، و لمقتضيات الدستور وكذا المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، وبالنظر الى مصادقة  المغرب في أبريل 2014 على القرار الأممي المعلق بحرية الدين والمعتقد، فإن بيت الحكمة تدعو السلطات العمومية الى ما يلي :

– اتخاذ التدابير القانونية اللازمة لتحقيق  المواطنة التعاقدية، وإلى دعم الصيغ والمبادرات الهادفة إلى توطيد أواصر التفاهم والتعايش بين كل المواطنين بغض النظر عن معتقداتهم الدينية أوعدم اعتناقهم لأي دين من الأديان

– ملاءمة جميع القوانين الوطنية مع روح دستور 2011 ومع مقتضيات المواثيق والاتفاقيات الدولية، و اتخاد التدابير القانونية والمؤسساتية لضمان حق الضمير والمعتقد وتنمية الحريات الفردية والجماعية المرتبطة بهذا الحق، 

– إعادة النظر في فصول القانون الجنائي  من خلال حذف الفصل 222 و الفقرة الثانية من الفصل   220 بشكل يراعي حرية الضمير والمعتقد للافراد والجماعات وحذف جميع اشكال الاكراه على ممارسة الشعائر الدينية

– تجريم خطابات الحقد والكراهية وتكفير المخالفين من ذوي المعتقدات المنتمية لمذاهب مختلفة أو لديانات سماوية وغيرها من المعتقدات   

-تجريم جميع أشكال العنصرية والتمييز على أساس الدين او المذهب او الجنس او اللون

 

 ثالثا: الحق في الإيقاف الارادي للحمل

بخصوص هذا الموضوع،  تؤكد بيت الحكمة أن دور الأم في ايقاف الحمل أو عدمه، هو أهم الأدوار، لأن الأمر يتعلق بجسدها أولا، و بالتالي تسقط مشروعية تدخل الدولة بشكل قانوني في حالة الحمل. لذا وحرصا على صحة النساء الجسدية والنفسية والاجتماعية، وانسجاما مع التوجهات الدولية في هذا المجال،  تدعو الجمعية إلى ما يلي:

 

  • ترخيص الإيقاف الطبي للحمل بشكل مطلق مادام الحمل لم يتجاوز 3 أشهر على أن يكون تحت اشراف الطبيب، وكذا ترخيصه إذا كانت حياة المرأة في خطر  أو عند حصول تشوهات للجنين كيفما كانت مدة الحمل .
  • تجريم الإجهاض السري الذي يعرض صحة المرأة للخطر مقابل السماح بالإيقاف الطبي للحمل داخل المؤسسات الاستشفائية العامة و الخاصة.

 

رابعا: حماية الحياة الحميمية للأفراد

تتابع جمعية بيت الحكمة  باهتمام كبير النقاش المجتمعي الدائر حول موضوع العلاقات الرضائية بين الراشدين،  الامر الذي يؤكد أن المجتمع المغربي تجاوز الكثير من التابوهات حيث أصبح يناقش كل المسائل من دون تشنج وخوف. من هذا المنطلق فإنها تعتقد أن العلاقات الجنسية الرضائية بين راشدين ومن دون عنف لا تعني المجتمع في شيء، بل هي شأن خاص ويدخل في إطار الحياة الخاصة للافراد التي يجب حمايتها. لهذا، وبالنظر للتحولات المجتمعية العميقة التي يعرفها المغرب، وانسجاما مع التزاماته الدولية، وحرصا على احترام كرامة المواطنات والمواطنين وحقهم في تملك أجسادهم، وتكريسا لمبادئ الحرية والمسؤولية والكرامة،   تدعو الجمعية إلى: 

 

  •  حذف  الفصول  489 و490 من القانون الجنائي 
  • حذف الفصل 483  الذي طالما كان موضوع  تأويل متعسف ومصدر مساس بالحريات الفردية
  • ادراج مقتضيات قانونية تضمن حماية الحياة الخاصة للأفراد.

 

خامسا: حماية الأطفال ركيزة مغرب المستقبل

  تسجل الجمعية بقلق بالغ استمرار تعرض عدد كبير من الأطفال المغاربة لأشكال من الاستغلال والعنف مع عجز القانون عن التصدي لها. وحرصا على تفعيل المقتضيات الدستورية وجميع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الأطفال لضمان حمايتهم، تدعو إلى ما يلي:

 

  • تشديد العقوبات على جميع أنواع الاستغلال التي يتعرض لها الأطفال وخاصة: التسول والتشغيل قبل السن القانوني،  وجميع أنواع العنف الجسدي والنفسي مهما كان مصدره، وكذا جميع أشكال الاستغلال الجنسي للأطفال.
  • تجريم زواج الأطفال وخاصة ما يسمى بزواج الفاتحة وزواج الكونطرا وذلك بالنظر  الى الاثار الوخيمة لظاهرة زواج الأطفال خاصة على مستوى الصحة النفسية والبدنية والإنجابية وكذا الأوضاع الاجتماعية للضحايا.

 

 وختاما فإن جمعية بيت الحكمة إذ تقدم هذه التوصيات المتعلقة بإصلاح منظومة القانون الجنائي، فإنها تدعو السلطات العمومية  الى العمل على ملاءمة جميع القوانين مع مقتضيات الدستور والاتفاقيات الدولية، والعمل من أجل الارتقاء بجميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية بهدف المساهمة في تحديث المجتمع وبناء مغرب ديموقراطي حداثي أساسه الاحترام الكامل للاختلاف والتنوع وصون الحياة الخاصة للأفراد والعناية بالفئات الأكثر هشاشة وخاصة النساء والأطفال،  وإقرار مبادئ الحرية والمسؤولية وصيانة كرامة المواطنات والمواطنين. كما تدعو جميع الفاعلين السياسيين والنقابين والمدنيين الى دعم كل المبادرات التي تدفع في اتجاه ملاءمة القوانين مع مقتضيات حقوق الانسان كما هو متعارف عليها كونيا وترسيخ قيم الحداثة والانفتاح والعيش المشترك..

قد يعجبك ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق