ثقافة وفنون

” حصاد الأرض” وثائقي على القناة الأمازيغية : توثيق تاريخي للخيل والإسطبلات بالمغرب

قدمت القناة الأمازيغية الثامنة برنامجا توثيقيا أعده الزميل الأستاذ الإعلامي الحسين العمراني وقام بإخراجه المخرج المتميز الذي راكم تجربة طويلة سعيد آزروقام بتصويره مدير التصويرعبد الناصر بووالي وقام بالمونطاج والكرافيزم إلياس آزريخص الإصطبلات والخيول بالمغرب في إطار برنامج عام يحمل عنوان “حصاد الأرض” برنامج يختلف عما تعودناه في البرامج الخاصة بالخيول والتي يتم التركيز فيها على “التبوريدة “.

هذا البرنامج مزج بين ماضي وحاضر الخيول والإصطبلات حيث أكد المتدخلون أن المغرب من الدول التي عرفت عبر التاريخ باهتمام سكانه ، وولعهم بالخيول، إذ تؤكد المصادر التاريخية أن بلادنا عرفت الخيول قبل الميلاد، بل إعتبر رمزا له ولسكانه.

ويعود هذا إلى أكثرمن ثلاثة آلاف سنة وبذلك ظل الحصان رمزا تقليديا لكل  الدول التي تعاقبت على حكم المغرب، كما كان مثالا مقرونا بحضارتها وروح  ملامحها وبطولاتها في ميدان الفروسية . 

وإستضاف البرنامج العديد من الفعاليات من أبرزهم الدكتورزين العابدين الحسيني الباحث والمؤرخ الذي أكد بأن الملوك الذين تعاقبوا على حكم المغرب من الأدارسة والعلويين إهتموا بالخيول وذالك  ببناء إصطبلات في مختلف جهات المملكة والدليل على ذلك وجود  أكبر إسطبل في عهد السلطان مولاي إسماعيل و يسمى “قصر الخيل” وكان يتسع لأكثر من 12 ألف حصان وفرس لا زالت آثاره دالة على ضخامته .

كما إستضاف البرنامج الوثائقي  الدكتور إدريس علوي محافظ المباني التاريخية بمكناس ودليل المصطفى الباحث في تاريخ الخيل والدكتور علي جاري رئيس جمعية الحصان البربري والدكتور جمال ياسين مؤلف كتاب عن الحصان البربري والطبيبة فاطمة الزهراء كعدوس وضيوف آخرين.

ووقفت هذه الحلقة المتميزة عند أول نوع من الخيول العريقة التي ظهرت في المغرب هو الحصان البربري الذي تعود سلالته إلى 3000 سنة، فهو من سلالة عريقة، ومصدر لظهور العديد من  السلالات المرموقة  ويتميز هذا الحصان بالرزانة والهدوء والتحكم في النفس بشكل  قوي،  فهو مثالي للأنشطة الرياضية الحديثة. 

وللسهر على إستمرارية تنمية الفرس في المغرب وتماشيا مع الإستراتيجية الوطنية لقطاع تربية الخيول تأسست سنة 2003 الشركة الملكية لتشجيع الفرس كشركة عمومية تابعة لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ، تضم خمسة مرابط مهمة جدا موجودة  في كل من مدن وجدة  بوزنيقة ، الجديدة ، مراكش و مكناس هذه الأخيرة تتوفر على أول مربط حديث أسس في المغرب عام 1912، لذلك يعتبر أقدم المرابط الوطنية، الحريسة الوطنية لمكناس ، يمتد على مساحة بحوالي 67 هكتارا وهو المربط الذي يأوي الوحدة الوطنية الوحيدة الخاصة بتربية الأفراس.

ووقف هذا الوثائقي عند المربط على وحدة وطنية للسلالة البربرية وإنتاج و تربية الخيول البربرية  والعربية – البربرية، ويقوم أطر الحريسة  بمساعدة مربي الخيول بتوفير كل الخدمات المتطلبة ، لتربية الخيول وتأطيـر مربيها  وتطويــر السلالات.

ويتوفر هذا المربط على مساحات واسعة  تجد الخيول فيها راحتها في الركض ومتعتها  المتناهية في الجري على أرض مستوية وناعمة  مرفوقة بصغارها والتي تتحرك معها من مكان الى آخر . 

ولتعزيز هذا الوثائقي بما هو أكاديمي وقف فريق العمل عند  الشركة الملكية لتشجيع الفرس وشركائها للمربين التي توفركل الإمكانات الطبية وفق آخر التقنيات المتطورة في مجال العناية بالفرس، أهمها  مصحة معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط ومديرها الطبيب الحسن يقين وهي مصحة خاصة بعلاج الفرس يشرف عليها بيطريون وأساتذة متخصصون وذلك بغية توفير أفضل خدمة ممكنة للمربين خلال موسم التزاوج وضمان التتبع المنتظم اللازم للعملية، زيادة على تحسيس المربين بأسلم طرق التعامل مع الفرس خلال السنة بكاملها. 

صادفنا ونحن في المصحة إقبال أطرها على إجراء عملية جراحية لفرس جاء به صاحبه لإصابته أثناء الولادة عملية واكبناها من دخول الفرس ومروره بمراحل متعددة ليصل إلى غرفة العمليات والتي كللت بالنجاح .

تاريخيا يشهد للمغاربة ولعهم الشديد بالخيول ويبرز ذلك جليا من خلال إهتمام  الفلاحين في البوادي ببناء إصطبلات صغيرة خاصة بالخيول  تلقى فيها العناية والرعاية، وإستمرإهتمام المربين والفلاحين بالخيول وتنافسهم على اقتناء أجودها عالميا ما جعل انتشار الكثير من الإصطبلات الكبرى وبمواصفات عالمية في كل جهات المملكة والمتخصصة في تربية وإستيراد وبيع الخيول والخاصة بالسباق هدفها المحافظة عليها والمشاركة في التظاهرات الدولية والوطنية والسباقات العربية والعالمية.     

قادتنا الزيارة  إلى أحد أهم المرابط  في المغرب ، مربط  بنواحي أكوراي إقليم الحاجب يقع في منطقة جغرافية تتسم بالعلو وجمال الطبيعة ويمتد المربط على مساحة شاسعة تتوفر فيه كل المستلزمات بمواصفات عالمية وجودة عالية . 

بعد مكناس وأكوراي وعين عودة  ننتقل الى بوزنيقة لزيارة المربط الوطني بها والذي أسس عام 1994  وسط قصبة تاريخية ، الحريسة الوطنية لبوزنيقة  تمتد على مساحة 8 هكتارات ، تم إعادة تهيئتها عام 2014. وبناء 100 حجرة جديدة خاصة باستقبال الخيول خلال فصل التزاوج وسباقات التربية . 

يأوي المربط الوطني ببوزنيقة المركز الوطني للتلقيح الاصطناعي،  مركز إنتاج وإعداد اللقاحات المنوية المجمدة للخيول ويعتبرالمغرب أول بلد في إفريقيا الشمالية يتوفر على مركز من هذا النوع كما يقدم المربط خدمات صحية لخيول المربين والخيول التابعة للحريسة .

 إشتهر هذا المربط بفن ترويض الخيول وهي إحدى رياضات الفروسية التنافسية فن يتوقف نجاحه على ذكاء الفارس والحصان معا  فهي تمثل أسمى تعبير عن تدريب الخيول ، حيث يؤدي كل من الفارس والحصان سلسلة من التحركات المحددة مسبقًا والمحفوظة في الذاكرة .

تشغل المرابط والإصطبلات يد عاملة مهمة متخصصة في حرف الخيل لهذا ومن أجل تنمية قطاع الفروسية بالمغرب،  وتأهيل الموارد البشرية تم إنشاء  المعهد الوطني للفرس ولي العهد الأمير مولاي الحسن ، معهد يوفر تكوينات ملائمة لحاجيات قطاع الفروسية في مهن وحرف  لها علاقة بالخيل .

يتوفر المعهد على تجهيزات ومرافق بالهواء الطلق يتم استغلالها كفضاءات للتكوين والتدريب وترويض الخيول .

يتكون الجناح البيداغوجي للمعهد من قاعات مجهزة ومخصصة للدروس النظرية ، وعدة محارف تطبيقية تهم الفروسية تضم محرف الصفيح وهي حرفة الحدادة ، حرفة تقليدية من تراث الأجداد ، يتم التكوين فيها بطريقة علمية بإشراف أساتذة متخصصين . 

ومحرف السراجة العصرية والتقليدية  يستفيد منها الطلبة من كل المهن المرتيطة بصناعة السروج ويمر بمراحل متعددة من التصميم والتقطيع الى الخياطة تم الزواقة حرفة يستفيد منها طالبات وطلبة من مختلف جهات المملكة . 

 

يحتضن المعهد متحفا خاصا بالفرس ، من شأنه أن ينشر ثقافة الفروسية في الأوساط الشابة والتلاميذ تعرض فيه كل ما له علاقة بالتبوريدة وأكسسوارات الفارس والفرس  صورتعكس لنا فن التبوريدة الشعبية التي تعد من أقدم وأعرق الفنون المغربية وتعرف بفنون الفروسية المغربية التقليدية، التي تمارس في الكثير من المناسبات، والحفلات و المهرجانات و المواسم لما تحمله من دلالات تاريخية و رموز تراثية عميقة .

قد يعجبك ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق