إبراز إسهام المغرب في الحفاظ على السلام بإفريقيا خلال ندوة من مستوى عال بأديس أبابا
شكلت أشغال الندوة المشتركة من مستوى عال حول إسهام المغرب في عمليات حفظ السلام والأمن بإفريقيا، التي نظمت اليوم الأربعاء بأديس أبابا، مناسبة لإبراز الإسهام الوازن للمملكة في هذه العمليات منذ أزيد من نصف قرن.
وأكد المتدخلون في هذا اللقاء الذي ينظم بمبادرة من البعثة الدائمة للمملكة المغربية لدى الاتحاد الإفريقي، ومعهد الدراسات حول السلام والأمن بجامعة أديس أبابا، أن المغرب يضطلع بدور هام في مجال الوقاية من النزاعات والحفاظ على السلام وتعزيزه، مشيرين إلى أن الشركاء الاستراتيجيين الذين لديهم بعض التأثير في إفريقيا جنوب الصحراء على غرار المغرب بوسعهم الإسهام في إرساء أمن جماعي إفريقي أكثر إدماجا.
وأوضح مدير معهد الدراسات حول السلام والأمن، كيدان كيروس، أمام ثلة من السفراء والممثلين الدائمين لدى الاتحاد الإفريقي ورجال السياسة والجامعيين والخبراء والباحثين في هذا المجال، أن هدف هذا اللقاء حدد بالخصوص في إبراز نصيب المغرب وإسهامه في الاستقرار الإفريقي من خلال المشاركة في العديد من عمليات حفظ السلام وتسوية النزاعات. وأضاف مدير المعهد، وهو هيئة مرتبطة بشكل وثيق بأوساط الممارسين الدوليين المقيمين بأديس أبابا ومنخرطة في تكوينات موجهة للممارسين الإثيوبيين، أن دور المغرب بصفته عضوا في الاتحاد الإفريقي يندرج في سياق رؤية للشراكة الاستراتيجية مع إفريقيا على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن المملكة تسعى إلى أن تكون فاعلا محوريا في مجال حفظ السلام والاستقرار في القارة الإفريقية.
وذكرت سفيرة المغرب في إثيوبيا، نزهة العلوي المحمدي، بأن المملكة دعت ولا تزال إلى رؤية من أجل مصلحة القارة والقيام بجهود تهدف إلى تعزيز شروط السلام والأمن من أجل إفريقيا “مستقلة، ومستقرة، ومزدهرة”.
وأوضحت الدبوماسية المغربية أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، أمير المؤمنين، ومنذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين سنة 1999، مافتئ يسهر شخصيا على سياسة إفريقية جديدة تتوخى، على الخصوص، تعزيز السلم والأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالقارة الإفريقية، مشيرة إلى الالتزام الشخصي لجلالة الملك من أجل إفريقيا، وذلك من خلال 50 زيارة ملكية لـ 25 بلدا إفريقيا شهدت التوقيع على زهاء 1000 اتفاقية ومعاهدة في مجالات شتى للتعاون. فهذه السياسة – تضيف السيدة العلوي المحمدي – تقوم بالخصوص على “تعزيز التعاون جنوب- جنوب، والتضامن الفاعل والمصير المشترك”.
وتابعت قائلة أن المغرب اضطع بدوره كاملا فيما يتعلق بتظافر الجهود سعيا إلى حل النزاعات في إفريقيا، مشيرا إلى أن حوالي 60 ألفا من القبعات الزرق المغاربة في خمس وحدات لحفظ السلام، شاركوا في خمس مهمات لإحلال الأمن تحت لواء منظمة الأمم المتحدة بإفريقيا (الكونغو، الصومال، جمهورية الكونغو الديمقراطية، الكوت ديفوار، وجمهورية إفريقيا الوسطى)، كما جرى إنشاء 11 مستشفى جراحيا ميدانيا في 10 بلدان إفريقية قدمت أزيد من 530 ألف خدمة طبية لفائدة الساكنة المحلية.
وأشارت الدبلوماسية إلى أن عودة المغرب في يناير 2017 إلى عائلته المؤسساتية لبالاتحاد الإفريقي، تعكسمن جديد، حرص والتزام المملكة الموصول بقضايا السلم والأمن في القارة، وذلك في أفق التخفيف من الأزمات الإنسانية أينما كانت، لاسيما بإفريقيا.
وأوضحت أن إسهامات المغرب تنبع من تمثل واع لالتزامات المملكة حيال دعم الشرعية الدولية والمساهمة في تعزيز المبادئ والقيم العالمية للسلم والأمن والتضامن، لاسيما في إفريقيا، مشيرة إلى أن المغرب راكم مجموعة من التجارب في مجال الوساطة والوقاية من الأزمات بإفريقيا، ومحاربة الإرهاب والتطرف، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة بناء الدول الإفريقية ما بعد النزاعات التي تخرج منها، وذلك في إطار التعاون جنوب-جنوب تحت قيادة جلالة الملك.
وقالت في هذا الصدد، “على ضوء هذا الالتزام القوي المتعلق بقضايا السلم والأمن في إفريقيا، فإن المملكة المغربية تعتزم الترشح لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي لولاية مدتها سنتان (2018- 2020).
وتطرق المتدخلون الآخرون للأهمية المعتبرة التي توليها المملكة للعلاقات الاستراتيجية مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، مشددين على الالتزام الاقتصادي للمملكة بإفريقيا، وذلك على أساس شراكة رابح-رابح تمكنه من لعب دور هام فيما يخص الوقاية من النزاعات وحلها.
وأوضح المتدخلون في هذا المؤتمر الذي أريد له أن يشكل فرصة لتحليل وتقييم مساهمات عمليات حفظ الأمن والاستقرار بإفريقيا، وللإشادة بجهود المغرب لفائدة الساكنة الإفريقية، أن المغرب بلد “نموذجي” في مجال المساهمة في عمليات حفظ الأمن بإفريقيا، كونه يعد مكونا لأكبر المساهمين في القبعات الزرق.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد رضوان الحسيني، مدير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي أن قضية السلم والأمن لا يمكن عزلها عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مبرزا أن المغرب ودول القارة مدعوون إلى تعزيز التعاون وتجميع التجارب والخبرات في هذا المجال.
وأوضح أن تقاسم التجارب لا ينحصر في المجال الأمني، ذلك أن المغرب، تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، برهن عن استعداده لتمكين البلدان الإفريقية من الاستفادة من تجربته في إرساء السلام والأمن، كمجال بالغ الأهمية. يتعلق الأمر، إجمالا، بتكريس مبادئ التضامن والتعاون جنوب-جنوب التي تبناها جلالة الملك وزكتها الرؤية الملكية لإفريقيا مستقرة ومزدهرة.
وفي ذات السياق، تمحورت مداخلة مدير المرصد المغربي حول التطرف والعنف، مصطفى الرزرازي، حول جهود المغرب وتجربته في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
وذكر بأن المغرب عبر دائما عن التزامه بتقاسم تجربته المتفردة والمعترف بها عالميا مع أشقائه الأفارقة، سواء في مجال التعاون الأمني أو في مكافحة التطرف.
وقال أستاذ تدبير الأزمات إنه يتعين الارتقاء بالتعاون إلى قمة الانشغالات، وفي صدارتها الأمن مشددا على أن الإرهاب وآفة التطرف يشكلان أهم التحديات التي تواجه القارة.
وذكر بأن تدبير ظاهرة الإرهاب والتطرف يتم من قبل المغرب وفق مقاربة متعددة الأبعاد ترتكز حول إعادة هيكلة الحقل الديني التي تروم مواجهة التشدد والأفكار المتطرفة. وتوقف في هذا الباب عند الجهود المبذولة في باب تدبير المساجد وتكوين الأئمة والوعاظ والحكامة الأمنية، كركيزة هامة في مجال مكافحة الإرهاب الذي أبان فيه المغرب عن خبرة راسخة.
وعلى هامش الندوة، أقيم معرض يسلط الضوء على مساهمة المغرب في عمليات حفظ السلام والعمل الإنساني في إفريقيا لأكثر من نصف قرن في مقر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، وذلك من خلال جداول توضح مختلف مساهمات تجريدات ومستشفيات القوات المسلحة الملكية المنتشرة في هذا الإطار.
وأبرز هذا المعرض المنظم بمبادرة من مديرية التاريخ العسكري التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، انخراط المملكة المغربية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في خدمة مبادئ الأمن والسلام والعمل الإنساني في إفريقيا، من خلال تسجيلات سمعية بصرية تبين مختلف مساهمات التجريدات المغربية والمستشفيات التابعة للقوات المسلحة الملكية، وتخلد العمل الأمني، وأيضا العمل الإنساني الذي تقوم به المملكة لفائدة سكان البلدان الإفريقية.
وقام، بهذه المناسبة، ضباط من القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية بتقديم المعرض، بحضور سفيرة المغرب بإثيوبيا السيدة نزهة العلوي محمدي، وذلك أمام سفراء البلدان الأعضاء في الاتحاد الإفريقي وممثليهم الدائمين لدى المنظمة الإفريقية، والمسؤولين السامين للجنة الاتحاد الإفريقي الذين عبروا عن إعجابهم وتأثرهم من خلال رسائل تم تدوينها في الدفتر الذهبي للمعرض.
وعكست محتويات المعرض المنظم على هامش قمة الاتحاد الإفريقي المقررة نهاية يناير الجاري، انخراط المملكة تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في خدمة مبادىء الأمن والسلام في إفريقيا ، فضلا عن إبراز الخبرة المكتسبة على مدى أزيد من نصف قرن لفائدة الأمن والسلام والعمل الانساني خاصة في ما يتعلق بالمستشفيات العسكرية الميدانية التابعة للقوات المسلحة الملكية وإيصال المساعدات الانسانية المباشرة لفائدة سكان بعض البلدان الإفريقية.
واشتمل المعرض على أربعة محاور هي التجريدات المغربية في خدمة السلم وحماية السكان المدنيين، والمستشفيات الميدانية العسكرية والعناية الطبية والاجتماعية، وتقديم وإيصال المساعدات الإنسانية من قبل المملكة المغربية وذاكرة وشهادات.