باي باي البيجيدي.. فلترقد بسلام.. !
أمتار قليلة باتت تفصلنا عن موعد الانتخابات القادمة، وعمليات الإحماء لها وإن غطت عليها كورونا إلا أنها ستُجْرى بما فرضته ظروف الجائحة على العالم.
لقد ربح حزب العدالة والتنمية الرهان في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، فوز لم تأتي به الديموقراطية المزعومة بل جاءت به الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية، وكان على المغرب أن يتحرك ويقدم شيئا بديلا للناس التي ملَّت من مشاهدة نفس الوجوه التي لا تغير خطاباتها بقدر ما تغير ربطات عنقها الباهظة الثمن.
ما سُمِّي بالربيع العربي شكلا ومضمونا كانت له نتائج أخرى أفرزت للعالم العربي أحزابا إسلامية يقودها مُلْتَحون يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وبدا المشهد لدى بعض المتحمسين لهؤلاء عودة إلى الخلافة وزمن الفتوحات. وفي المغرب كنا متفائلين جدا بقدوم حزب لطالما اشتكى من ظلم المخزن ومن مرارة الإقصاء، بل وذهب أمينه العام وهو رجل ملتحٍ يقال له بنكيران -وفي رواية أخرى بنزيدان- هذا الرجل ذهب في معارضته بعيدا حين أطل على المغاربة عبر برنامج حوار رفقة مصطفى العلوي وقال بأنه يجب إعادة النظر في طقوس حفل الولاء التي سماها طقوسا مخزنية رافضا تقبيل يد الملك، ليعود لاحقا وهو رئيس للحكومة وليقول عكس ما صرح به سابقا، في مشهد سكيزوفريني مبهر لا أحد يقدر عليه إلا بنكيران.
نعم لقد نجح المصباح في أن يضيء على نفسه لولايتين كاملتين، غير أنه لم يستطع أن يحمي نفسه من الاحتراق هو وفراشات الحزب المنتمية له أو المتعاطفة معه، تلك التي هالها ضوءه فظنت آثمة أنه سراج وهاج.
منذ أن اعتلى بنكيران و زُمْرته سدة الرئاسة لولايتين، لم يقدما شيئا للمواطن البسيط بالرغم من الصلاحيات التي منحها الدستور الجديد لرئيس الحكومة، غير أن الكثيرين اتهموا بنكيران بمحاولة استمالة القصر عبر التخلي عن صلاحياته.
ولا حاجة لنا هنا لسرد الآثام التي ارتكبها بنكيران وحزبه بحق الطبقة المتوسطة والكادحة، وسنتفق لا محالة حين نقول أن البيجيدي أخلف وعده وفوَّت على المغاربة فرصة إصلاح أخرى، وقدم نفسه قربانا لإصلاحات تهم طبقة معينة دون أخرى. وما حدث مع المصباح هو نفسه ما حدث مع حزب الوردة ذات يوم، إلا أنه شتان بين بنكيران واليوسفي. فالأول أعفي براتب مريح سيمنحه جلسة هادئة على إحدى شواطئ المالديف فيما رحل الثاني وغصة التغيير لا تزال تقض مضجعه وبقي على عهد اليسار حتى لقي ربه.
إكلينيكيا لقد انتهى حزب العدالة والتنمية لدى المغاربة بالنظر لحالة السخط التي يشعر بها المواطن والأستاذ والممرض والإسكافي وبائع السجائر وماسح الأحذية وفي كثير من القطاعات، وكل ما بقي من حزب المصباح أصوات المتعاطفين والمنتمين الذين يصرون على مقولة الإصلاح بالتدرج، متخذين من تركيا نموذجا ومن أردوغان إمامًا بدون حُمْرة خجل ولا ذرة استحياء.