عمود رأي

عيدوا فديوركم.. بأية حال عدت يا عيد..؟

العيد يقترب وثغاء الحملان والأغنام يكسر هالة الفيروس اللعين، وأكف المؤمنين ترفع إلى الله بأن يكفينا غضبه ومقته وينزل علينا رحمته وسكينته.
عيد هذا العام سيكون مختلفا وطقوسه لن تشبه الأعياد السابقة ولا حتى اللاحقة، العام كله مختلف من الأصل. وهذا العيد لن يشكل الاستثناء، وسيمر مثلما مر عيد الفطر، بلا زحام ولا عناق ولا صفوف متراصة للصلاة، ولن تكون هناك خطبة ولن نتأبط السجاجيد ونحن نلبس الأقمصة والجلابيب البيضاء وفوق رؤوسنا العمامات الصفراء والطرابيش الحمراء، وكل هذا لسلامتنا جميعا، وحتى لا يتحول العيد إلى مأساة.

عيد هذا العام مختلف، وثغاء أغنامه مختلف، والحركة التي تسبقه مختلفة، وشغب الأطفال الذي يبشر بقدومه مكتوم وحذر، نعم فقد تعلم الأطفال معنى الجائحة وإن كنا لا نعرف أي شكل ذاك الذي رسموه لها في مخيلتهم ، وكيفما كان هذا الشكل فلن يكون أكثر بشاعة مما هي عليه حقيقة.

هذا العيد سيكون حكاية جيلنا للأجيال القادمة، سنخبرهم أننا آوينا إلى بيوتنا لثلاثة أشهر وسيستغربون ويرفعون الحواجب تعجبا، وسنخبرهم عن صندوق الجائحة وعن الرقم 1212 وعن أخنوش والعلمي والعثماني، تماما مثل الحكايات التي أخبرنا عنها آباؤنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، فنحن لم نعد ننجذب لحكايات الماضي فقد صارت لنا حكاياتنا الخاصة والخاصة جدا التي تفسر حقيقة أن لكل وقت أذان، ولكل زمن حكاية وعنوان.

هذا العيد له طعم خاص فلن تكون هناك زيارات للأقارب، ولن يكون هناك عناق العم لأبناء الأخ ولا عناق الأخ لأبناء أخته ولا حتى بين الجيران داخل بناية واحدة، فلكل شقته ولسلامته فليغلقها على نفسه وينفرد بكبشه هذا العام.

حالة التدبدب التي يعرفها المنحنى الوبائي ببلادنا تفرض علينا جميعا أن نتحلى بروح المسؤولية اتجاه بعضنا، وأن نقدر الحالة التي نمر منها جميعا حق قدرها، وألا نتراخى فتضيع من بين أيدينا شهور طوال توارينا خلالها وراء جدار، وهذا ما أوصت به وزارة الصحة وأوصى به رئيس الحكومة الذي دعا المواطنين إلى عدم السفر والتنقل من مكان إقامتهم إلا للضرورة القصوى. خصوصا بعد تأكيده على أن الفيروس لم يكشف عن كافة أسراره بعد، وأن الحركة المكثفة قد تساهم في نقل الفيروس من مكان لآخر فتفسد فرحة العيد.

ولهذا اسمعوا وعوا كلام العثماني الذي يقول لكم “عيديو فديوركم لأن عائلاتكم وحبابكم محتاجين باش تبقاو بخير ويبقاو هوما بخير أيضا”..

الفرحة فرحة القلوب، والعيد يظل عيدا مهما اختلفت الظروف، ولطالما كان العيد مصدر فرحتنا وبهجتنا ولا بأس في أن نعيد للعيد جميله علينا بأن نحافظ على فرحته التي يرسمها على وجوهنا جميعنا.

عيدكم مبارك جميل بلا جائحة ولا فيروسات ونلقاكم العام المقبل بالجلالبيب البيضاء والطرابيش الحمراء.
حمزة لخضر

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close