انفجار بيروت.. هل جاء الدور على لبنان.. ؟
انفجر المرفأ الذي ظل حاملا بداخله شحنة الموت لأزيد من خمس سنوات كاملة، وعادت بيروت سنوات طويلة إلى الوراء وعاد سيناريو الموت ليخيم على لبنان مجددا بعد أن عاشته من خلال حرب أهلية دامت خمسة عشر عاما أسفرت عن مقتل ما يقدر ب 150 ألف شخص، والأسباب تم تلخيصها بإيجاز أليم آنذاك في عوامل اجتماعية وسياسية فيما عمقها السحيق كان طائفيا.
وهو ما فجر حوادث أليمة ستظل راسخة في أذهان اللبنانيين, أدخلت البلاد في آتون حرب أهلية سالت فيها دماء كثيرة اختلفت مذاهب أصحابها وتوحدت في لون الدم الأحمر.
دعونا نتوقف قليلا في هذا الشرق الأوسط الذي أعياه الموت وأنهكه الاقتتال لنفهم ولو قليلا شكل هذه الحروب القائمة فيه، والأسباب الكامنة وراءها.
العراق وسوريا واليمن وفلسطين وإيران بلدان لها حضارات ضاربة في جذور الزمن بل هي المبتدأ وهي المنتهى، ولها من الذهب الأسود ما ليس لغيرها، بالإضافة إلى خيرات طبيعية وطاقية كثيرة، وهو ما جعل هذه المنطقة بالذات محط أطماع الخارج الذي ظل يحشر انفه في كل كبيرة وصغيرة ونجح بشكل أو بآخر في تكريس الخطاب الطائفي والمذهبي حتى يسهل عليه الدخول كيفما شاء ومتى شاء، وكل الحروب التي عاشتها وتعيشها المنطقة مبنية على الفصائلية والمذهبية.
بعد غزو العراق وتحويله إلى رقعة هشة وضعيفة على الساحة الإقليمية خصوصا بعد الانسحاب الأمريكي وتركه في مهب ريح الانفجارات الغبية والموت العبثي، وبعد نسف أحلام التغيير مع ما سمي بالربيع العربي وقيام الثورات المضادة التي أعادت بلدان المنطقة إلى نقطة الصفر في كل من سوريا واليمن، جاء الدور على لبنان بحسب تعليق سايمون تسيدال في صحيفة الغارديان والذي وصف المنطقة كاملة بالمكان الأقل استقرارا وبرميل بارود قابلا للاشتعال في أي وقت. وهو ما يجعل المنطقة هشة ولن تتحمل قوة هذه الصدمات التي غالبا ما ستؤدي بها للتشرذم والانهيار والتمزق.
المظاهرات التي أعقبت الانفجار المدوي والذي قد يعود بالبلاد -التي تعيش أزمات خانقة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي- إلى الخلف ولخمسة عشر عاما، جعلت من وزارة الخارجية محجا لها في دلالة واضحة على انهيار المؤسسات الحاكمة بالبلاد وعلى رغبة الشعب اللبناني الحانق على سياسيي بلاده بتدويل أزماته، وهو ما فسرته زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي نزل إلى شوارع بيروت معانق ومواسيا للبنانيين في مشهد يحمل دلالات سياسية خطيرة، خصوصا وأن فرنسا لها تاريخ طويل من استعمار البلدان والاجهاز على هوياتهم، ولعل ما حدث من هذه الصور الوردية ذات الطابع الانساني شكل جديد من أشكال الاستعمار والتدخل الخارجي الذي لا يكاد ينتهي، وقد يقول قائل ان اللبنانيين هم من استنجدوا بماكرون وقد يستشهد بمقولة سيدة لبنانية دعت الرئيس الفرنسي إلى عدم تقديم مساعدات إلى السياسيين لأنهم سارقون، والاجابة نجدها عند الأستاذ عاطف معتمد الذي سمى ما حدث بلحظات عابرة من الكفر بالوطن، وأن اللبنانيين يمرون بلحظة قاسية اسمها الكفر بعقيدة الوطنية.
الخمسون ألف لبناني الذين طالبوا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بعودة الاحتلال الفرنسي هو في اعتقاد الأستاذ عاطف معتمد نموذج أفريقي أسود من عالم ما بعد الاستعمار.
فهل يقود اليأس والكفر بالأوطان إلى هذا الحد من تسليم وطن مات في سبيل تحريره الأولون، وهل يفعل الفساد في عقول الناس فعلته المقيتة التي قد تجعل الأوطان جنة نعيم إذا حكمها الأجنبي والدخيل، وقد يحولها إلى نار من جحيم إذا تسيد مشهدها ابن الدار الذي اعتقد الجميع أنه الابن البار..؟
فهل حقا جاء الدور على لبنان ومن هم قتلته الحقيقيون ولصالح من يعملون٫٫؟
حمزة لخضر