مجتمع

الراقصة مايا وظِلُّ مدير المكتب الشريف للفوسفاط..علاش ما ندخلوش سوق راسنا شوية..؟

حمزة لخضر يكتب..

هكذا نحن “الريح للي جا يدينا”، وننتظر فقط سقوط البقرة “باش يكترو جناوى”، لنبدأ عملية الذبح والسلخ غير مبالين بأن ما ترتكبه أيادينا من إثم عظيم.

ولأننا نعيش زمنا فايسبوكيا منح لنا جميعا مساحة كبرى من حرية التعبير، أصبحنا نتدخل في كل شيء ونعلق على كل شيء ونطلق الإتهامات جزافا ونُدينُ الناس من خلال صورة أو نصف صورة أو ظِلّ صورة ثم نُصْدِر الأحكام، مُنَصِّبين أنفسنا قُضاة في محاكم الوطنية والشرعية وحُماة للوطن والشرف والعرض والدين.

مثل النار في الهشيم انتشر فيديو الراقصة مايا وهي تتمايل على إيقاعات شعبية على ظهر يخت في وسط البحر، إلى جانب نساء أخريات في رحلة صيفية، فيما ظهر “نِصْف وجه” لرجل قيل أنه مدير المكتب الشريف للفوسفات، ولِتتعالى الصرخات واللَّطميات وشَق الجيوب والمناداة بالويل والثُّبور، ولِتُقرع طبول الحرب على الرجل والراقصة إيذانا بمعركة زرقاء حملت عدة عناوين منها “بارطاجي يا مواطن”، “فضيحة مول الفوسفات” “ها فلوس الشعب فين مشات” “الثروة ترقص على وحدة ونص”، إلى غيرها من عناوين الإثارة الباحث أصحابها عن “اللايكات”المُحرمة وعدد المشاهدات الغير بريئة دون حتى أن يتوقف أحدهم لِبُرْهةٍ من الزمن متسائلا “فاش ضرني يكون مدير الفوسفات ولا اليورانيوم كاع”، وهل الرجل الواقف هناك هو الرجل الذي نعرفه على رأس المكتب الشريف للفوسفات؟ وحتى وإن كان هو هل نملك الحق أصلا لمحاسبته على لحظة خاصة به في عرض البحر..؟
وحتى الذين حاولوا التفكير بهذا المنطق هوجموا وتم تخوينهم ومحاسبتهم فايسبوكيا إما بالحظر أو بردود الاستهجان والاستخفاف مطلعها “عياش” ومنتهاها “قطيع”..!

وسواء كان الرجل الذي ظهر في فيديو اليخت إلى جانب الراقصة مايا مسؤولا أو فنانا أو إعلاميا أو مثقفا أو سكيرا أو عربيدا فلا أحد يملك الحق إطلاقا في محاسبته على لحظة خاصة به خارج نطاق عمله، ويُعدُّ هذا الفعل الشنيع ضربا في واحد من أهم مبادئ حياتنا جميعا وركائزها وهي الخصوصية..

نعم الخصوصية “يا متعلمين يا بتوع المدارس”، هي لحظة يهرب فيها رجل أعمال شهير من جو الرسميات التي تطبع حياته، ومن صفقاته وأرقام البورصات العالمية ولحظة مراقبة الدولار يعلو ويهبط في سلم المشاغل التي لا تنتهي، مثلما قد يهرب كذلك إسكافي بسيط من داخل “حانوته” الصغير ومن أحذية زبنائه الكثيرة ومن مساميره ورائحة الغرِاء التي تملك المكان.

كلاهما يملكان لحظات خاصة وحياة خاصة سواء قضاها الأول على ظهر يخت في منتجع فاخر يقرع أنخاب النبيذ أو قضاها الثاني على ظهر “بيدالوس” في ضاية عوا يحتسي ماء الحياة، وهذه الحياة لا أحد له الحق في أن ينصب نفسه عسكريا عليها ولا فقيها يحلل ويحرم تفاصيلها.

إن من قام بنشر فيديو الراقصة وشخص يقال أنه مسؤول رفيع بغرض إثارة الفضيحة لينال من أحدهما، فنقول له أن “الراقصة لا تخفي وجهها” وأن شبيه الرجل حتى وإن كان هو فتلك لحظته الخاصة، ولا نملك حق محاسبته إلا في إطار ما يؤديه من عمل ومن واجب، وأما الدخول في حيثيات “الصالير” وحياة البذخ فهذا نقاش عقيم، يستنجد به أولئك الذين تسقط افتراءاتهم الواهية أمام صلابة النقاش البناء المبني على احترام الآخر وعدم تخوينه ولا تجريمه لمجرد أنه فكر في أن يعيش حياته كما يريد هو..

إن الفساد الحقيقي الذي يجب أن نقطع دابره هو سوء الظن بالناس، وابتزازهم بهكذا مقاطع وتعريضهم للتجريح وهي جرائم يعاقب عليها القانون ويُدين مرتكبيها، خصوصا إذا كان للطرف المتضرر أبناء شاهدوا الفيديو وقرؤوا ما جاء في التعليقات “اليوسوفية” الزاهدة الوَرِعة التَّقية، والتي كتبها فقهاء العالم الأزرق وعلماء الفقه المُعْوَج والتفسير المُحْوَل والحديث في عباد الله.

وللراقصة مايا نقول “الله يهدينا قبل ما يدينا” ولو كانت للذنوب رائحة ما جلس بعضنا بقرب بعض لولا ستر الله علينا، فَكُفُّوا أيديكم عن الناس وَ دَعوا الخلق للخالق، ولْنَعِشْ جميعا بمبدأ “عندي حْدَبَّة” علي الاهتمام بها.

قد يعجبك ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق