عمود رأي

على بعد أمتار من إيجاد اللقاح.. الدول العظمى تقول لنا إن لم تكن قويا تحمل كورونا وأغلق فمك..

حمزة لخضر يكتب..

نعم هكذا وببساطة إذا لم تكن قويا فأغلق فمك والزم مكانك..وتحمل كورونا الآن وفيروسات المستقبل وفي أحسن الظروف “شد الصف على إيطرو ديال اللقاح”..
الدول القوية وبمنطق القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والعلمية قبل كل شيء، تجاهد الوقت وتسارع الزمن لتظفر بلقاح ضد عدو مشترك بين الأقوياء والضعفاء، وبمنطق السياسة ولغة الإمبرياليين التوسعيين بين الدول العظمى وتلك التي تحاول أن تنمو منذ عشرات السنين دون حتى أن تنجح في صناعة ملابسها الداخلية.

بالرغم من التحذيرات التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية للقوى العظمى بعدم اتباع سياسية قومية في الظفر باللقاح فإن ذلك لم يثني الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا والاتحاد الأوروبي من إبرام صفقاتهم الخاصة لتأمين ملايين الجرعات لمواطنيها في تجاهل صريح لتحذيرات منظمة تابعة للأمم المتحدة حتى وإن تسبب الأمر في شح الإمدادات.

وبالرغم كذلك من التحذيرات التي أطلقها الخبراء من تبني دول أخرى قادرة عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا وعلميًا -وَلْنُسَطِّر على القوة العلمية بالقلم الأحمر الفاقع لونه-، اتباع ذات النهج وهو ما سيترتب عليه لا محالة اللاعدالة وستتحقق النبوءات ويتعرَّى الغربُ أكثر من ذي قبل، وستظهر وحشية الاميرياليين وبراغماتية مُسَيِّري العالم وسيتكشف زَيف المنظمات العالمية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة التي تُسَيَّرُ “بِريموتْ كنترول” أمريكي.

ما أشد الألم الذي نشعر به نحن الدول التي لم تستمع يوما لمُثقفيها وخبرائها بدعم البحث العلمي، وفتح مختبرات والقيام بتجارب علمية ودعم الطلبة الباحثين في كل المجالات، ما أشد الألم الذي نشعر به ونحن نقف هكذا مبهورين بعقول كانت بيننا ولم تتلقى التقدير اللازم فهاجرت إلى حيث يوجد التقدير والتصفيق والتَّبني والدعم لتنجح وتقدم ثمرة نجاحها لتلك الدول.

ما أشد الألم الذي نشعر به ونحن نرى غيرنا يبحث ويتباحث ويقرر المصير ويعلن عن خطواته التي قطعها بحثًا عن اللقاح، فتشرئب أعناقنا منتظرين دورنا للظفر بلقاح نمتلك من العقول ماهي قادرة على صنعه وتطويره لو فقط وجدت حاضنة لها.

ما أشد الألم الذي نشعر به جميعا نحن العرب والأفارقة والدول التي لم تؤمن يوما بأن خلاصها في وزرة الأستاذ والمعلم وفي بدلة الطبيب والباحث وفي مختبرات العلم والمعرفة لا في منصات الرقص ولا “ميكروفونات” التافهين الذين غابوا فجأة وما عاد لهم من دور يقدمونه فظهرت قيمتهم الحقيقية وتَكَشَّفَ زَيف ثقلهم في ميزان كورونا التي أقامت الوزن بالقسط ولم تُخسِرِ الميزان.

وما يزيد الطين بلة اليوم وتزيد معه الخطورة على الدول التي تنتظر بعد أن “رْبّْعات يديهَا”، هو أن منظمة الصحة العالمية تواجه مشكلات حقيقية في إقناع الدول القوية بالمشاركة الكاملة والالتزام بما يتجاوز حدود تقديم الوعود بالتمويل والكلام المعسول عن التبرع بما يفيض عن حاجتها من اللقاحات، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء العالمية رويترز.

وهنا تظهر الفوارق الشاسعة ويسقط كل ما تم تسويقه في حروب الإعلام التي تعتبر أشد فتكًا من كورونا ومن قنبلتي هيروشيما وناكازاكي ومن أطنان نترات الأمونيوم، وتظهر قوة البروباغندا التي كانت تسوق لنا مبادئ الإنسانية التي تدعيها هذه الدول وأننا جميعًا نتشارك هذه الأرض، وأنهم يدعمون فقراء العالم ويحولون صحاري المطحونين إلى جنات عدن يجري من تحتها النفط والبترول.

رويترز قالت أن تيدروس أدهانوم جيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي انتقد الدول التي تحاول الاستئثار باللقاح وحذر من أن تلك الاستراتيجية ستفاقم الجائحة.

وهنا فقط علينا جميعا أن نفهم وزننا الحقيقي ولا بأس بشيء من جلد الذات وتقييم دورنا وبكل تفاؤل نقول أنه لم يَفُتِ الأوان بعد لتحقيق ما أردناه طويلًا.
لكورونا هي درس لنا جميعا نحن المبهورين بسياسة أمريكا وأفلام هوليود التي صنعت لنا أبطالا من وهم وقدمت لنا صورة الغرب المتحضر والراعي للعدالة على الأرض والساعي إلى تحقيق السلم والأمن العالميين.

ستتغير منظومة القوة بعد جلاء الوباء لا محالة، وسيخرج للعالم مارد جديد سيقوده بخيط من حرير وتسقط الاتحادات التي ادعت أنها أكثر متانة، نعم تلك الدول التي سرقت كمامات بعضها ومواد تعقيم جيرانها فيما تخلت على من كانت حدودهم لا تفصلها عنها إلا غرفة في بيت نصفه هنا والآخر هناك، وسيسقط زيف الاتحاد الواهي.

وأما نحن فما علينا إلا أن نعمل في صمت ونعيد من يستحق إلى الواجهة ليتسلم مشعل البناء، بناء وطن من حديد ركيزته العلم وأساسه المعرفة وعموده الفقري عقول أبنائه وبناته من الذين أحبوه حتى سالت دماؤهم على عتبة البرلمان ولم يكرهوه يوما بل زادوه فوق الحب حبا ولَنا في الأطباء والأساتذة ورجال الأمن الوطني وجيشنا ورجال ونساء إعلامنا ورجال ونساء النظافة خير دليل أننا حقًا بخير إن نحن فقط أردنا حقًا أن نكون بخير.
لم ينتهِ الوقت بعد تعالوا نجتمع على كلمة سواء أن الوطن فوق الجميع وما كورونا إلا امتحان عسير أعادنا إلى الطريق المستقيم.

قد يعجبك ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق