ترامب وميلانيا وابن سلمان.. الله يَنْصُرُ أمريكا بلا مجلس انتقالي ولا تفويض ولا شُهداء وبدون أغنية : “You are the light of our eyes”
✍?حمزة لخضر
هكذا فقط وببساطة شديدة سيغادر ترامب بيته الأبيض..حتى ولو هدد باللجوء إلى المحكمة العليا..حتى لو لجأ إلى الفضاء..وإلى أبعد نقطة في مجرة التبانة..فهو مُغادر لا محالة..وما يقوم به الآن مجرد محاولات للحفاظ على شخصيته التي دخل بها أول مرة..ولن يسمح بالخروج هكذا بدون ضجيج ولا شوشرة ولا تشويش ولا تغريد أو نغيق في أسوء الأحوال..
غير أن المؤكد من كل هذا أنه سيغادر..ولن يكون هناك انقلاب على الشرعية..ولن يكون هناك مجلس انتقالي..ولن يخرج المتحدث العسكري ليعلن تحَفُّظهم على الرئيس الجديد..ولن يطل ترامب عبر قناته المفضلة “فوكس نيوز ” ليطلب التفويض للحفاظ على مكتسبات أمريكا وديموقراطيتها..ولن يقول للأمريكيين “You are the light of our eyes”..
ولن يجتمع شيوخ الكونغرس ولا عساكر البانتاغون ولا عشائر “الإف بي آي” ولا “سي آي إي”..ولن تضطر الشرطة إلى استعمال خراطيم المياه ولا الغاز المسيل للدموع ولن تتحول الساحة المقابلة لمسكن الرئيس الجديد إلى ميدان للتحرير..ولن يحرق الأمريكي نفسه في إحدى ضواحي واشنطن احتجاجا على الانقلاب.. ولن يكون هناك شهداء العاشر من نوفمبر..ولا شهداء الياسمين..فالياسمين هنا لا يُستشهد أو يموت بل يحيا فقط..ويعيش مثل الحلم الأمريكي ومثلما هي حية ديموقراطية الانتخابات في بلاد العم سام منذ أمد بعيد..وإن لم يكن ببعيد جدا..
قد نختلف مع أمريكا في أمور كثيرة..على رأسها حربها على الحضارة والإنسان العراقي وتحويل أفغانستان إلى بؤرة ملغومة اضطرت معها وبعد سنوات طويلة من قتال تنظيم القاعدة إلى الجلوس مع أفراد هذا التنظيم المتطرف على طاولة الحوار..
وبالرغم من كل ما فعلته أمريكا وساقته للأمم من ويلات وحروب إلا أنه علينا الاعتراف بأن انتخاباتها تُعدُّ درسا بليغًا في استقلالية المؤسسات..وقوة المؤسسات..ونزاهة المؤسسات ولو بنسبة ما..
ولن يظهر على الشاشة نجوم “التالك شو” ليغتالوا الديموقراطية ويشككوا في الانتخابات..ولن يتوجه “ديفيد ليترمان” و “كونان أوبراين” و “جيمي كيمل” في برامجهم الساخرة إلى التسويق بأن بايدن “إخواني” أو “قاعدي” أو “لينيني” أو “ماركسي”..
ولن تضطر “إلين ديجينيريس” للهروب من أمريكا لتضييق الخناق عليها لأنها نجمة تلفزيون وتجهر بمثيلتها..
سيغادر ترامب المجنون..ولن يُنْجده أحد..لا صواريخ كيم جونغ الكوري الشمالي ولا ريالات بن سلمان التي راهن عليها والذي يعيش قلقا بالغا منذ الإعلان عن هزيمة ترامب..وهو ما أكدته المجلة الأمريكية الذائعة الصيت “فورين بوليسي” حين كتبت أن “السعودية وضعت كل بيضها في سلة دونالد ترامب وراهنت عليه وستجني عواقب هذا الرهان”.
مؤكدة أنه “لو فاز بايدن فالموقف السعودي الذي جاء على حساب المشاعر الإسلامية حول العالم سيظهره معزولا”.
والأكثر من هذا أن سيد البيت الأبيض الجديد وصف السعودية بـ”الدولة المنبوذة” وقطع وعدا بأن يعاملها على هذا الشكل وما يزيد من قلق ابن سلمان هو أن بايدن دعم نتائج المخابرات الأمريكية “سي آي إيه” التي قالت إن جريمة قتل وتقطيع الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول في الثاني من أكتوبر عام 2018 لم تكن لتتم دون موافقة ولي العهد عليها بحسب ما قاله موقع عربي 21..
سيرحل ترامب وستتفاقم مشاكله..فآخر ما قد يزيد من حدة شعوره بالوجع هو طلب زوجته ميلانيا ترامب الطلاق والانفصال عنه بعد إعلان خسارته..وهو ما أكده تقرير للصحيفة البريطانية “دايلي ميل” على لسان ستيفاني وولكوف، كبيرة مستشاري ميلانيا ترامب سابقا والتي زعمت أن ميلانيا تفاوضت مع ترامب على اتفاقية ما بعد الزواج تضمن حصول ابنها على حصة متساوية في ثروة الرئيس المغادر ديموقراطيا، مؤكدة أن الزوجان ينامان في غرفتين منفصلتين في البيت الأبيض وأن زواجهما أصبح مجرد صفقة..
انتخابات أمريكا..لا تهم أمريكا لوحدها..فحين تكون قويا سيتجاوز برنامجك وعود الإصلاح وبناء الطرق و وضع حد للحفر والبالوعات..بل إن برنامجك الانتخابي يطال العالم كله..يطال طهران وبيونغ يانغ وبيكين ودمشق وبغداد والرياض وصنعاء والدوحة والقاهرة وتل أبيب..
حين تكون قويا حتى ولو كنت بلا أخلاق في الخارج فيكفي أن تكون وفيا بالداخل لِتُؤمِّن ظهرك حين تخرج ناشراً ديموقراطيتك على فوهات المدافع وبطائرات الأباتشي والصواريخ العابرة للأخلاق..
لو أمكننا أن نقف لنتأمل قليلا سنعرف أن الله ينصر أمريكا الكافرة في نظر شيوخ الباذنجان والجزر..فقط لأنها عادلة..عادلة بنسبة ما..بِرقم ما..
وأما أنت يا ترامب سواء اتفقنا أم اختلفنا فالأكيد أن جهة ما في مكان ما راضية تمام الرضى عما قدمته ببرغماتية منقطعة النظير..لو تعلم فقط أن هناك من صنع معبدا ووضعك إلها يعبدك..لو يعلم هذا المسكين أن إلهه المجنون عوض أن يذهب للمحكمة العليا ليطعن في الانتخابات..فسيكون عليه الذهاب لمحكمة الأسرة ليحل مشكلة الطلاق..