راضي الليلي.. العاقُّ بنهار الوطن والحارِق لشرفِهِ الأخير
حمزة لخضر
هكذا وببساطة أحرق الكائن الليلي جواز سفره وأحرق معه آخر ما تبقى لديه من شرف، لِيغدو عاريا من كل شيء، من الأخلاق ومن الوطنية ومن الوطن.
خطوة الليلي الذي لا يُتقن شيئا سوى لغةِ “جنح الظلام” والعتمة والتواري بعيدا عن الضوء، تكشف جليا أن فِعْلَةً كهذه لا تصدر إلا عن اللقطاء، من وُلدوا في لحظة مضاجعة غير شرعية وتَكَوَّنوا من نطفة من منيٍّ خبيث.
كَبر الطفل الفضيحة وتَقَوَّى من خيرات المغرب، وأطفأ عطشه الحارق بماء المملكة الشريفة وتدفأ بشمسها وارتوى بماء غَيْثِها، قبل أن يتحول في لحظة قاتمة إلى بوق دعائي يُحرِّضُ على الوطن الذي آواه والحضن الذي احتواه.
نعم هكذا ببساطة وبكل ما تحمله الوقاحة من “وساخة”، أصبح الليلي الجاحد والكائن الحاقد بوقاً يروج لأطروحة الانفصال، وينشر من الأخبار المفبركة والصور المزيفة ما عجز عن سردها كلها برنامج “بوليغراف” على تلفزيون العربي المخصص لفضح الفبركات والمشاهد التي لا توجد إلا في مخيلة الليلي ومن على شاكلته من القطعان التائهة والنائحة.
أن تحرق جواز سفرك الذي يربطك بوطنك وأُمِّكَ و أُمَّتِكَ، معناه أنك وُلِدت بلا عنوان وبلا تاريخ وبلا توقيت وبلا استئذان وبلا رغبة من الذين اقترفوك خطيئة تحت جنح الظلام.
جئت تحبو على أربع، لتجد لك وطنا يضمك ويمنحك أصولا وجذورا أنت نفسك تعلم أنك لا تستحقها منذ البداية.
وبعد كل هذا خنت وطنا جئته يتيما فآواك وضالاًّ فهداك وعائلا فأغناك، وحين اشْتَدَّ عودك وقَوِي بدُنك ضعُف بصرك وعَمِيتْ بصيرتك، حين أخذتك حميَّةُ الجاهلية ورمت بك عبدا لتماثيل من ورق وأصنام لن تُغني عنك من بلادك شيئا.
فيا أيها الليلي الذي حقا نُشفق عليه، ماذا بعد أن غدوت بلا وطن و رَغِبتَ في دنيا الثعالب والضباع..؟
ماذا بعد أن بعت شرفك وبلا ثمن..؟
لتصير قيئا في أحاديث من استخدموك من الرعاع..
قريبا ستنتهي مثلما انتهت أساطير من سبقوك منهم، ويُحيلونك على التقاعد في مخدع المغضوب عليهم والضالِّين التائهين خونة البلاد والعباد، آكلي السُّحت من طعامهم من ضريع.
هل تعتقد بعد كل هذا أن يستأمنوك..؟
إنهم فقط يعِدُّون لك كفنك بعد أن ينتهوا منك لتنتهي مثلما ينتهي ورق المرحاض بعد كل استعمال..
الوطن غني عنك..الوطن غني عن العالمين..ولأنك جئت بخطإٍ في التوقيت والتاريخ..ولأنك جئت بلا استئذان ستغادر كما جئت وترحل غير مأسوف عليك، وحدها لعنات الشرفاء من ستظل تلاحقك طويلا، تلعنك في السر وفي العلن بعد أن غدوت بلا وطن.