رياضة

“حماية نزاهة الرياضة عبر مكافحة المراهنات غير القانونية” موضوع ندوة بالرباط

بدعم من “المغربية للألعاب والرياضة”، وهي شركة عمومية، مخولة لاحتكار المراهنات بالمغرب، عقد مجتمع ماكولين ، اليوم الثلاثاء بالرباط، ندوة حول موضوع “حماية نزاهة الرياضة عبر مكافحة المراهنات غير القانونية”.

وانعقدت هاته الندوة على هامش احتضان الرباط خلال يومي 8 و9 نونبر 2023 لأشغال الاجتماع الخامس لمجموعة كوبنهاغن وعلى الخصوص المجموعة الاستشارية للجنة تتبع اتفاقية ماكولين.

السياق الدولي والمخاطر التي تهدد نزاهة الرياضة:

أكبر خطرين يهددان الرياضة ونزاهتِها هما، تعاطي المنشطات، التي تشكل تهديدا تاريخيا، والذي انضافت إليها اليوم ظاهرة المراهنات غير القانونية، التي أصبحت تشكل آفة عالمية متنامية نظرا لتطور الأنترنيت والرقمنة المتزايدة لأنماط الاستهلاك.

بقدر ما ساهم كل المجتمع الدولي إلى جانب مؤسسات رياضية في إعطاء أجوبة ناجعة فيما يتعلق بالتعاطي للمنشطات، بقدر ما يتم التعامل بدون حزم مع الخطر الذي تمثله المراهنات غير القانونية بالنسبة للمجتمعات والدول.

ففي حين يسود الوعي التام بهذا الخطر لدى الفاعلين القانونيين للمراهنات الرياضية، والمعبئين جماعيا في إطار جمعياتهم المهنية وهيئاتهم الدولية، فإن العديد من الحكومات والدول لا تزال تستخف بالأخطار والمخاطر المرتبطة بهذه الظاهرة التي أصبحت حقل عمليات لشبكات الإجرام الكبير في نفس مستوى تهريب المخدرات والاتجار في البشر.

ففي جميع أنحاء العالم، بسبب حساسية هذا الموضوع والوضعية الهشة المحتملة للمجتمع والرهانات الاقتصادية المتعلقة بقطاع اللعب، يمنح ترخيص المزاولة من قبل الدول سواء في شكل رخصة، أو وكالة أو ترخيص بالاستغلال. وتمكن هذه التركيبة من مراقبة وتوجيه النشاط والحرص على أن يكون العرض القانوني مصمم بطريقة نزيهة ومسؤولة لتفادي التسبب في الإدمان وحماية فئات المجتمع المستهدفة مع تمكين الميزانيات العمومية من الحصول على دخل يمول قضايا مهمة كالرياضة والتربية والثقافة والصحة.

غير أن حصة السوق غير القانوني من الناتج الخام للعب المراهنات الرياضية (مداخيل المتعهدين بعد تسديد أرباح اللاعبين) تقدر اليوم بنسبة 45 في المائة من قيمة الناتج الخام للعب المراهنات الرياضية على المستوى العالمي والتي تقدر بـ 80 مليار أورو.

وحتى لو كان من الصعب تقدير حجم سوق المراهنات غير القانونية في العالم بدقة، فإن مجلس أوروبا الذي يوجد في طليعة محاربة هذه الآفة العالمية، يرى من جهته أنها قد تناهز 1000 مليار أورو من حيث قيمة الأموال المراهن بها، وبالتالي هاته المراهنات تتسبب في خسارة مبالغ ضخمة للحكومات وميزانياتها.

من فعل الجريمة المنظمة الكبرى، تمثل هذه الآفة تهديدا حقيقيا للصحة العمومية في مواجهة ظاهرة الإدمان، وفي ما يخص النزاهة الرياضية وسلامة وأمن الدول في مواجهة تبييض الأموال وتمويل الأنشطة الإجرامية.

اتفاقية ماكولين المتعددة الأطراف، أداة القانون الدولي الوحيدة لمكافحة التلاعب بالمنافسات الرياضية:

دخلت اتفاقية ماكولين متعددة الأطراف حيز التنفيذ منذ عام 2014، من قبل المجلس الأوروبي، وذلك بهدف الوقاية من التلاعب في المنافسات الرياضية وكشفها والمعاقبة عليها.

فقد نتج عن التوسع القوي للمراهنات الرياضية القانونية والغير قانونية عبر أنحاء العالم إلى ضرورة تعبئة جميع الأطراف المعنية، سواء المؤسساتيين أو الحكوميين أو الفاعلين المتعهدين، لأن التعاون الوطني والدولي المشترك والسريع والمتواصل، وحده الكفيل بمكافحة التلاعب بالمنافسات الرياضية بكل نجاعة، والحد من تنامي المراهنات غير القانونية وكذلك الحد من ظاهرة تبييض الأموال.

يشكل التلاعب بالمنافسات الرياضية المرتبطة بالمراهنات تهديدا كبيرا للنزاهة الرياضية ولدورها الاقتصادي والمجتمعي. ويشكل اليوم مجالا لنشاط الجريمة المنظمة وشبكات الإجرام العابرة للحدود. حسب وكالة الشرطة الأوروبية “يوروبول”، يعتبر الفساد الرياضي المرتبط بالمراهنات وبتبييض الأموال أحد أبرز الأنشطة غير القانونية للمجموعات الإجرامية.

وتجدر الإشارة إلى أن كافة مجموعات الجريمة المنظمة الرئيسية في أوروبا لها أنشطة غير قانونية في قطاعي المراهنات والرياضة.

بهذا الصدد، نصت اتفاقية ماكولين بوضوح على أن “المراهنة الرياضية غير القانونية” هي كل مراهنة رياضية غير مرخص لنوعها أو فاعلها بموجب القانون المطبق في الولاية القضائية التي يوجد فيها المستهلك، وأقرت مجموعة من التدابير للقضاء على النشاط الإجرامي المترتب عن ذلك.

ومن بين هذه التدابير، نجد على الخصوص:

• “الإغلاق أو الحد المباشر وغير المباشر من الوصول إلى الفاعلين في المراهنات الرياضية غير القانونية عن بعد، وكذا إغلاق فاعلي المراهنات غير القانونية الممتلكين لشبكة مادية داخل دائرة ولايتها القضائية”.

• ” تجميد التدفقات المالية بين الفاعلين في المراهنات الرياضية غير القانونية والمستهلكين”.

• ” حظر الدعاية للفاعلين في المراهنات الرياضية غير القانونية”.

• ” توعية المستهلكين بالمخاطر الناجمة عن المراهنات الرياضية غير القانونية”.

إن اتفاقية ماكولين، التي تتيح لجميع الدول إمكانية الانضمام إلى هذه المجموعة الدولية والمساهمة في تعزيز مكافحة الإجرام الدولي وتبييض الأموال، مفتوحة للتوقيع من قبل الدول الأعضاء في مجلس أوروبا، وبقية الدول الأخرى الأطراف في الاتفاقية الثقافية الأوروبية، والاتحاد الأوروبي والدول غير الأعضاء التي ساهمت في بلورتها أو التي تتوفر على صفة عضو ملاحظ بمجلس أوروبا.

وهي أيضا مفتوحة أمام توقيع باقي الدول غير الأعضاء في مجلس أوروبا بدعوة من لجنة الوزراء.

دخلت اتفاقية ماكولين حيز التنفيذ يوم فاتح شتنبر 2019.

وتمت المصادقة عليها من قبل فرنسا واليونان وآيسلندا وإيطاليا والنرويج والبرتغال وجمهورية مولدوفا وسويسرا وأوكرانيا، ووقعتها 33 دولة أوروبية بالإضافة إلى أستراليا والمغرب.

المنصات الدولية ومجموعة كوبنهاغن:

باعتبارها ترسيما لإطار التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود خاصة في ما يتعلق بالتلاعب بالمنافسات الرياضية والمراهنات غير القانونية وتبييض الأموال، تنص اتفاقية ماكولين على إحداث منصات وطنية تجمع كل الفاعلين المعنيين وعلى الخصوص قوات حفظ النظام، السلطة القضائية، إضافة إلى الهيئات المكلفة بمكافحة تبييض الأموال، وتغطي جميع أشكال التلاعبات.

وتلعب المنصة الوطنية دور مركز المعلومات المكلف بجمع وبث المعلومات ذات الصلة في إطار مكافحة التلاعب بالمنافسات الرياضية. وتضم كأطراف معنية المنظمات والسلطات ذات الصلة المناسبة كالسلطات العمومية، وزارات الرياضة، اللجنة الوطنية الأولمبية، الجسم القضائي، الاتحادات والمنظمات الرياضية، فاعليي المراهنات الرياضية المرخصين.

اجتمعت مختلف المنصات الوطنية، الراغبة في تعميق التعاون في مجال مكافحة التلاعب في المنافسات الرياضية، في إطار “مجموعة كوبنهاغن”، والذي يطلق عليه أيضا “شبكة المنصات الوطنية”.

تضطلع مجموعة كوبنهاغن، التي تم إنشاؤها في يوليوز 2016، بدور استشاري لدى لجنة تتبع اتفاقية ماكولين المكلفة بتحسين إحداث وسير وتطوير المنصات الوطنية، ودعم المنصات الموجودة لتحسين فعاليتها، وإنجاز الدراسات ونشر الممارسات الفضلى، وتعزيز القدرات المؤسساتية والمهنية للفاعلين الوطنيين والدوليين.

وتستند مجموعة كوبنهاغن على مجموعات عمل وشبكة دولية للخبراء، ومن ضمن مهامها التكفل بمعالجة استراتيجيات حماية البيانات، وتنظيم تبادل المعلومات وتتبع التظاهرات الرياضية الكبرى.

وتدعم أنشطة مجموعة كوبنهاغن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، النظام العالمي لمراقبة الياناصيب ” GLMS”، أنتربول، اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

المغرب موقع على اتفاقية ماكولين منذ شتنبر 2021

تم توقيع اتفاقية ماكولين من قبل المغرب، ممثلا بالسيد شكيب بنموسى الذي كان يشغل آنذاك منصب سفير المملكة المغربية في باريس، مع نائب الأمين العام لمجلس أوروبا السيد بيورن بيرغ، يوم 20 شتنبر 2021 بمقر المجلس الأوروبي في ستراسبورغ.

وشارك المغرب بنشاط في مختلف مفاوضات هذه الاتفاقية التي توفر إطارا قانونيا للتعاون مشجعا على البحث عن أجوبة فعالة مشتركة لمواجهة التحديات التي يطرحها التلاعب في المنافسات الرياضية وغيرها من الممارسات المرفوضة في هذا المجال.

باعتباره البلد الإفريقي الأول والوحيد الذي انضم إلى هذه الاتفاقية، رسخ المغرب موقعه في مجال حماية نزاهة الرياضة ومكافحة الجريمة المنظمة وتبييض الأموال.

تم إحداث المنصة الوطنية المغربية في مايو 2023 بمساهمة المجلس الأوروبي في إطار برنامج ACT. وتوجد هياكلها وطرق عملها حاليا في طور الإعداد، وتشرف على مطابقة وتنسيق المنصة الوطنية وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة .

بذلك أصبحت “المغربية للألعاب والرياضة” عضوا في مجموعة كوبنهاغن. باعتبارها مؤسسة عمومية لليانصيب تتولى، على امتداد التراب الوطني، احتكار تنظيم واستغلال المراهنات المتعلقة بجميع المنافسات الرياضية بما في ذلك المنافسات الافتراضية (باستثناء سباقات الخيول والكلاب السلوقية)، أنيطت بها مهمة ضمان نزاهة وسلامة ومصداقية عمليات اللعب والسهر على شفافية استغلالها وتوجيه الطلب على اللعب نحو المدار الخاضع لمراقبة السلطات العمومية وتأطير استهلاك اللعب.

مؤتمر مجتمع ماكولين “حماية نزاهة الرياضة عبر مكافحة المراهنات غير القانونية” (الرباط 7 نونبر).

يشكل “مجتمع ماكولين” شبكة افتراضية تجمع كل الفاعلين الذين يدعمون أهداف ومبادئ الاتفاقية التي تتكون مجموعاتها الأساسية من السلطات العمومية، الأطراف المعنية من العالم الرياضي، الهيئات المكلفة بتنفيذ القانون، القضاء، وقطاع المراهنات الرياضية.

بمشاركة مشروع التعاون (“معا نعالج التلاعب في المنافسات الرياضية”) ACT، وبدعم من “المغربية للألعاب والرياضة”، الفاعل الريادي والملتزم في مجال مكافحة التلاعب بالمنافسات الرياضية وحماية نزاهة الرياضة على الصعيد العالمي والحاضر في أهم المنظمات الدولية المتخصصة في تنظيم قطاع الألعاب وتقنينه ومراقبته، نظمت هاته الندوة التي تحمل طموح تعميق فهم جميع الأطراف المعنية لميكانيزمات المراهنات غير القانونية من أجل تعزيز التعاون والعمل بنجاعة أكثر على المستوى الدولي.

ومنح هذا الملتقى منصة للنقاش البناء وجلسات خبراء بالإضافة إلى فرصة التشبيك مع الفاعلين الأساسيين العاملين من أجل حماية نزاهة الرياضة على الصعيد العالمي.

قد يعجبك ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق