عمود رأي

حتى المقابر يا مسؤولي “كازابلانكا” لم تنجو..حتى الأموات غرقوا..

إنتهت العاصفة وأمسكت السماء أمطارها و غيض الماء و قُضيَ الأمر و خلا كل مسؤول بكُرسيِّهِ دون أن نرى أو نسمع ولو حتى من باب الإشاعة إقالة فلان أو مُحاسبة عِلَّان على علَّاتِه وأخطائه وجرائمه وفضائحه بحق مدينة البيضاء التي عاشت أيامًا سوداء، عصفت بها الأمطار وأغرقت أحياءً بكاملها وحوَّلت السيارات إلى غواصات تسير على غير هدى، كاشفة هشاشة المدينة من أسفل و اهتراء قواعدها الصلبة، و قبلها اهتراء بنية الغيرة على المدينة في نفوس المسؤولين عليها.

في عددها الصَّادر أمس عنونت جريدة الصباح مقالا لها ب “الأموات يسبحون في البيضاء”، خلال حديثها عما آلت إليه مقابر المسلمين جرَّاء التساقطات التي عرفتها كازا مؤخراً، ومما جاء في الخبر الصادم أن الناس هرعوا مثنى وثلاث و رُباع للبحث عن جثث أقاربهم التي وُجدت عائمة وسط مجموعة بِرَكٍ ، بسبب غياب قنوات لتصريف المياه ومنهم من وجد أكفان الموتى بالمكان في مشهد يسائل منظومة التسيير والتدبير بالمدن ويسائل المسؤولين عن مثوانا الأخير، فليس هناك أبشع من أن لا ترتاح حتى في قبرك بعيدا عن كل شيء، وما أقسى أن تعيش المعاناة حيا و ميتا، تلاحقك كوابيس حياتك في مماتك و تقلق هدوءك الأبدي عشوائية التسيير المُراهق واللَّامسؤول الذي لا يُقِرُّ بأخطائه ولا يعتذر عنه و يتقن لعبة تبادل التُّهم وتقاذف كرات اللَّهب.

إنهارت الأبنية و غرقت المدينة ومات من كان قَدُرُه أن يحيا في مدينة خدعوها فقالوا أنها الأفضل في كل شيء، قبل أن تكشف مياه الغيث عن ركبتيها الضعيفتين، وقدماها التي أعياهما التشقق فلم تنفعها ليلة السيل الجارف مساحيق الشاشات المضيئة التي تُزَيِّنُ وجنتيها، حتى أبراجها العالية وقفت مشدوهة تشاهد غرق الحي المحمدي أحد أعرق أحياء كازا، والمشتل الجميل للكثير من الوجوه التي أهدتنا الجمال في مجالات مختلفة، و هاهي أبنيته تنهار على “عينك يا بن عدِّي”، دون أن نسمع باعتقال ومتابعة مسؤول كيفما كان شكله أو قُبعته أو لون معطفه و ربطة عنقه، ومهما كانت علاقاته الأخطبوطية والثغرات القانونية التي يعزف عليها.

قلناها سابقا المسؤول عما حدث مبني للمعلوم، و من يملك حق متابعته موجود و معروف، والحق يعلو ولا يُعلى عليه، فقط ما نحتاجه قليل من الجرأة..الجرأة التي حين غابت ظهر “قْلالين الحيا” ليسوقوننا كما شاؤوا دون أن نحاسبهم أو نتابعهم، وكل ما أتقنَّاهُ من يومها حتى الساعة لازمة الجبناء “وكَّلنا عليهم الله”..

قد يعجبك ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق