مجتمع

أطفال “انفكو”و فصل الشتاء .. معاناة موسمية

على الطريق الوطنية التي تربط بين مدينة مكناس ومدينة الراشدية تقع “أنفكو” ومجموعة من الدواوير التابعة جغرافيا لإقليم خنيفرة، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا مسالك موصلة ولا أثر لإنجازات المسئولين، تستقر هناك مجموعة من ساكنة المغرب منذ عقود، وهي تقدم فلذات أكبادها كل شتاء بالعشرات قرابين للبرد والصقيع، ولم تهتز لهذه البلدات المنكوبة لا جهات رسمية ولا هيئات مدنية حتى سنة 2007 ، حينئذ استفاق الرأي العام من سباته على وقع فاجعة أليمة راح ضحيتها عشرات من الأطفال والرضع بالقرى النائية بجبال الأطلس، على رأسها قرية “أنفكو” التي حصد الصقيع بها أكثر من 25 ضحية، لتسارع فعاليات المجتمع المدني والصحافة للاطلاع على أحوال القريات المنكوبة، لتجد أمامها مغرب أقسى يخالف المغرب الجميل الذي تتغنى به القنوات الرسمية.

إذا كان البعض يرى فصل الشتاء فترة ملائمة لممارسة الرياضات الثلجية والاستمتاع بمشاهدة التلفاز في الغرف المكيفة، فإن قاطني “أنفكو” والدواوير بجانبها يرون فصل الثلوج موسما لقطف أرواح أبنائهم الرضع، فدرجة الحرارة المنخفضة جدا، والثلوج التي تغطي المكان، والفقر المدقع الذي يتسلط على الساكنة، والتهميش والإقصاء الذي يفتك بالناس هناك حيث لا ماء ولا كهرباء ولا مسالك، كل ذلك تضافر ضد سكان تلك البلدات البائسة، ليتسبب في موت العديد من الأطفال ومعاناة الكثير من المواطنين هناك، خصوصا من النساء والشيوخ.

وبعداكتشاف الحدث المفجع هرعت مؤسسات الدولة تحت ضغط الرأي العام لإغاثة المنكوبين، إلا أنه لازالت “أنفكو” والبلدات المجاورة لها حتى الساعة تعاني كل شتاء، رغم المجهودات الرسمية والمدنية التي تحاول تخفيف حصاد الصقيع والتهميش بالمنطقة الجبلية، لاسيما وأن العزلة لم تزل تطبق على ساكنيها هناك.

ولم تشفع ملامح تلك الوجوه البريئة وهي تتجمد من البرد لاتخاذ القضية أهمية كبرى بطابع الحس الوطني البعيد عن المزايدات السياسية، حيث شهدت السنين الأخيرة حالات من التوتر بين بعض القطاعات الجمعوية التي تنظم قوافل تطوعية لإغاثة الملهوفين هناك، وجهات رسمية تتهمها بالركوب على قضية إنسانية للوصول إلى مآرب سياسية.

وبين هذا وذاك تبقى “أنفكو” وتلك الدواوير تستعد بكل ما أوتيت كل عام لمواجهة عدو شرس يسمى فصل الشتاء .

أمين شطيبة

قد يعجبك ايضا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق