رياضة

الذكرى الخامسة لوفاة الداهية “أوسكار”.. المدرب الذي جمع بين الفرجة والألقاب‎‎

عبد الجليل حنين
 
 

تحيي جماهير أندية الوداد والرجاء الرياضيين والنادي القنيطري يومه الأحد الذكرى الخامسة لرحيل الداهية “أوسكار فيلوني”، والذي رحل عن عالمنا في 22 ماي من عام 2017.

 
أوسكار الذي رأى النور في الرابع من شهر أبريل سنة 1939 بمدينة “لابلاتا” الأرجنتينية، عاش قصة حب جنونية مع الساحرة المستديرة منذ نعومة أظافره، وأبى إلا أن يكون لاعبًا محترفًا، وقد تحقق حلمه حينما حمل قمصان أندية أرجنتينية وأوروبية عريقة، وعلى رأسها إستوديانتس وأستون فيلا.
 
ولم يكتفِ أوسكار بمداعبة الكرة فقط، ليحول بوصلة أحلامه نحو عالم الخطط والتكتيك، وشرع في البحث عن مغامرات جديدة، فكانت البداية من أوروبا وبالضبط بلد الساعات الفاخرة “سويسرا” رفقة نادي سيون السويسري، قبل أن يقرر خوض تجربة جديدة في الأدغال الافريقية مع نادي أسيك ميموزا الايفواري.
 
وعاش الراحل أوسكار فترة زاهية في دكة احتياط أسيك ميموزا، كيف لا وهو الذي قاد الفريق الايفواري للتتويج بلقب الدوري سنوات 1994 و 1995 و 1997 و 1998، إضافة إلى كأس ساحل العاج سنتي 1995 و 1997، علاوةً على بطولة عصبة الأبطال الافريقية عام 1998.
 
وذاع صيتُ أوسكار في القارة السمراء بعد نجاحه المبهر داخل الكوت ديفوار، ليصبح محط أنظار أكبر الأندية على المستوى القاري، قبل أن تقتنصه عيون مسؤولي نادي الرجاء الرياضي موسم 1998/1999.
 
ونجح أوسكار في كتابة التاريخ بأحرف من ذهب مع “النسور الخضر” عن طريق الفوز ببطولتين متتاليتين عامي 1999 و 2000، دون نسيان ملحمة “المنزه” التي صارت قصة تتوارثها الأجيال، لكن المثير في كل هذه الانجازات ليس الألقاب التي تحصل عليها فقط، بل سياسة التشبيب التي اعتمدها وطورها بأفكارٍ حديثة، مستغلا فترة تكوينه الناجحة في علم النفس والاجتماع.
 
ولأنه يعشق التحديات الصعبة، اختار أوسكار الانضمام للنصف الآخر من مدينة الدار البيضاء، ويتعلق الأمر هنا بنادي الوداد الرياضي، فلم يكترث للمشاكل التسييرية، كما تجاهل الحديث عن راتبه الشهري أو الحوافز التي سيتقاضاها، فقد كان شغله الشاغل هو اكتشاف المواهب الصاعدة والبحث عن ألقاب جديدة يضيفها إلى خزائن مركب “محمد بن جلون”.
 
وعلى الرغم من الفترة القصيرة التي قضاها أوسكار داخل أسوار القلعة الحمراء، إلا أنه نجح في التتويج مع “الحُمر” بلقبي كأس العرش وكأس الكؤوس الافريقية عام 2002، كما ترك فائضًا مهمًّا من اللاعبين الشباب.
 
وبعد تألقه اللافت للنظر في أرض المملكة، فضل أوسكار البحث عن تجاربٍ جديدة في مساره المهني، ليشرف على تدريب أندية عتيدة في إفريقيا، وعلى رأسها الترجي التونسي ومولودية الجزائر وأهلي طرابلس الليبي.
 
ولم يعمر فيلوني طويلاً بالأندية المذكورة، بحكم ارتباطه الوثيق بالمغرب، ليعود سنة 2006 ويمنح الرجاء لقبه العربي الأول في تاريخه على حساب نادي إنبي المصري، وهو الانجاز الأخير الذي حققه صاحب “الضمادة اليدوية” في مشواره الحافل بالأمجاد.
 
وظل أوسكار يتأرجح بين الرجاء والوداد، إلى أن استقر به الحال عام 2008 بالنادي القنيطري، والذي ربط فيه علاقات قوية مع مكوناته، بفعل العمل القاعدي الكبير الذي قام به رغم غياب التتويجات.
 
ولا يمكن الاقتصار في مسار أوسكار فيلوني على الجانب الايجابي فقط، لأن الرجل عاش وضعية اجتماعية صعبة في آخر لحظات حياته، فقد عانى التهميش والإقصاء، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة إليه، هي وفاة شريكة حياته، والراعي الرسمي لنجاحاته بعد صراع طويل مع المرض.
 
ورفض أوسكار الانزواء متحديا كل المطبات كما هي عادته، فقد اشتغل محللا في إذاعة “راديو مارس” مفضِّلاً إقتسام تجربته الكبيرة مع الجماهير المغربية التي تكن له الحب والتقدير، وتعتبره إبنًا بارًّا بالوطن رغم جنسيته الأرجنتينية.
 
وجاءنا النبأ الحزين بتاريخ 22 ماي 2017، عندما ودعنا أوسكار فيلوني في صمت، تاركًا وراءه تاريخًا وماضٍ يفتخُر بهما، وما أحوجنا إلى مدربين من قيمة الداهية في كرتنا الوطنية خلال عصرنا خاصة مع كثرة الأطر الأجنبية “الزائفة والوهمية”.

قد يعجبك ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق