مجتمع

أشغال كازا بلانكا التي لا تنتهي.. أشغال كازا بلانكا التي لن تنتهي.. !

✍? حمزة لخضر

من عجائب المجلس الجماعي التي يترأسه البيجيدي بواحدة من أكبر مدن المملكة، أن أشغاله لا تنتهي ولا تعرف حتى متى يتم الإعلان عنها.

“كتكون غادي في أمان الله” حتى تتصادف مع الجرافات والعمال “بِجيلياتهم” الصُّفر وهم يحفرون ويقتلعون الأسفلت اقتلاعًا بدون سابق إنذار.
في الدول التي تحترم نفسها وتحترم مواطنيها وتحترم آذانهم وأبصارهم ومشاعرهم، لا يمكن أن تجد جرافة واحدة دون أن يبلغ ذلك إلى علم عموم ساكنة المنطقة المراد فيها الأشغال، بل وتجد بطاقة تقنية واضحة قد انتصبت واقفة شامخة لا رائحة فيها “لداكشي” مكتوب عليها تاريخ بداية وانتهاء الأشغال وكلفة المشروع النهائية وفائدتها على المواطنين والمواطنات.

حين تَسْتَفيق من هذا الحلم الجميل على واقع ما يحدث اليوم بشارع رحال المسكيني تكتشف كم نحن مواطنون صالحون ومساكين، ولا حاجة لنا لمعرفة أسباب الحفر ولا حتى من هؤلاء الذين يحفرون وهل يتعلق الأمر “بِتسريح الشانطي” أم باستخراج المعادن النفيسة التي غالبا ما تتفجر ليتمخض عنها “الواد الحار” أعزكم الله.

قبل يومين ركبت سيارة تاكسي مع شاب أنيق ومهذب قَلَّما تجد له نظيرًا في هذا القطاع “الله يسامح علينا”. قال الشاب عند دخولنا أحد الأنفاق المحاذية لمسجد الحسن الثاني “الناس تْقبو جبال وحنا غار هادي عامين وهوما يحفرو فيه تقول كينبشوه بيديهم، قبل أن يتابع فيما يشبه السخرية من الأمر “لو كان جابو غير حيوان النمس وكان سالا الأشغال”، ليتابع مبتسما “آش بان ليك أ أُستاذ”.

لم يكن هذا السائق هو الوحيد المُتَذَمِّرُ مما يحدث من تأخير على مستوى هذه الأشغال، بل الكثيرون ممن صادفتهم في الشارع كانوا يتساءلون عن سبب تأخرها دون أن يتكلف مسؤول ما في جماعة كازا بتوضيح ما يحدث هنا.

سائق آخر وصف ما يحدث بالعشوائية التي لها انعكاسات سلبية على نفسية السائقين الذين لا يعرفون حتى ماذا يحدث، واللافتة الوحيدة واليتيمة التي تظهر بشكل باهت مكتوب عليها “انتباه الأشغال” وفي أحسن الظروف يتم تذييلها بعبارة “نعتذر لكم عن الإزعاج”، وحين تتوقف عند هذه العبارة لا تجده اعتذارا عاديا فصاحبها والمسؤول عن تعليقها يعرف أن ما يحدث إزعاج وسيتكرر ولن ينتهي فكلما أُغلقت حفرة يتم حفر أخرى وهكذا دواليك إلى أن تتأقلم مع الأمر ويصير الزحام طبيعيًا والمرور من الممرات الضيقة وشبه الضيقة والمنحرفة وشبه المنحرفة أمرا عاديا.

لقد تعلمنا نحن المواطنون الصالحون في كل مدننا كيف نتأقلم مع الأشغال ومع إزعاجها المتكرر ومع غياب البطاقات التقنية العملاقة ومع هواتف المسؤولين التي تظل تَرِنُّ وتَرِنُّ حتى لتفهم ما يحدث ولا تجد ردا.

و وحده المجيب الآلي من يرد عليك بتثاقل كئيب، تمامًا كما حدث عند اتصالنا بالمسؤول المكلف عن الأشغال والذي رَنَّ هاتفه طويلا..طويلا..قبل أن ترد تلك السيدة اللطيفة التي لا يحبها أحد “مخاطبكم لا يجيب حاليا المرجو إعادة الاتصال لاحقًا”.

ربما كان علي أن أشتري رقما يبدأ ب0661 فهذا الرقم السحري لا يمكن تجاهله مهما كان صاحبه صغيرا، فهنا وحدها الأشياء التي لا تفهمها وتبدو لك تافهة قد تصنع منك شخصية محترمة وأن كنت فاقدا للاحترام حتى مع نفسك، “والله يجيب للي يفهمنا”.

قد يعجبك ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق