سياسة

لقاء دراسي بمجلس النواب يرصد الإشكاليات المرتبطة بتنفيذ القانون المؤطر لمحاربة العنف ضد النساء

ينكب المشاركون في لقاء دراسي بمجلس النواب حول شروط وظروف تطبيق القانون 103.13 المؤطر لمحاربة العنف ضد النساء، افتتحت أشغاله اليوم الثلاثاء، على رصد الإشكاليات القانونية والتنظيمية والعملية المرتبطة بتنفيذ هذا النص، والوقوف على المداخل والسبل والآليات الممكنة والملائمة لتجاوزها.

ويشكل هذا اللقاء الدراسي الذي يعرف مشاركة مجموعة من المؤسسات الدستورية والقطاعات الوزارية و البرلمانيين والشركاء الدوليين والتنظيمات السياسية للأحزاب السياسية الممثلة بالمجلس، وممثلي المجتمع المدني وأساتذة وخبراء مناسبة لتعزيز النقاش العمومي، وتوسيع دائرة الإصغاء حول القانون المؤطر لمحاربة العنف ضد النساء الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2018، وكذا الوقوف على الآليات والتدابير المسخرة للحد من التداعيات السلبية لهذه الظاهرة ومدى فعاليتها في تقليص آثارها، فضلا عن نجاعة المقتضيات المتعلقة بعدم الإفلات من العقاب ، والتكفل بالضحايا ، والجانب الوقائي.

ويندرج تنظيم مجلس النواب لهذا اللقاء بشراكة مع الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، ضمن سلسلة اللقاءات التي تم عقدها بشكل مشترك خلال الفترة السابقة من أجل مقاربة هذا الموضوع سواء من زاوية التعرف على الممارسات الفضلى والمقارنة أو تبادل وجهات النظر بشأن ما يتعلق بمحددات صياغة التقارير ذات الصلة.

وفي كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، أبرزت خديجة أولباشا، رئيسة المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم شروط وظروف تطبيق القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، أن هذا اللقاء الدراسي ينعقد “بعد أيام قليلة من توجيه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس رسالة سامية إلى رئيس الحكومة تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة وذلك تجسيدا للعناية الكريمة التي يوليها جلالته لقضايا المرأة والأسرة بشكل عام، بعد أن كان جلالته قد أعلن عن فتح هذا الورش الإصلاحي في خطاب العرش لعام 2022 “.

كما يأتي اللقاء، تضيف السيدة أولباشا، استكمالا لأعمال مجموعة العمل الموضوعاتية ورغبة منها في إشراك أكبر قدر من الفاعلين والمتدخلين المعنيين بتطبيق هذا بهدف إغناء مسار اشتغالها.

وتوقفت السيدة أولباشا في هذا السياق، عند الرهانات والاعتبارات التي أملت تنظيم هذا اللقاء ومنها تلك المرتبطة بالسياق الوطني وبما تحظى به حقوق النساء من اهتمام في السياسات العمومية وفي النقاش العمومي والمؤسسات، وكذا هاجس تحسين هذه الحقوق وجزر ما يمكن أن يمس بها باعتبارها من الحقوق الانسانية الاساسية.

ومن ضمن الرهانات أيضا، تضيف السيدة أولباشا، ما وصل إليه المجتمع المغربي من نضج وما راكمه من إصلاحات دستورية ومؤسساتية واقتصادية واجتماعية بعد حوالي عشرين سنة من المصادقة على مدونة الأسرة “مما يتعين معه إجراء إصلاحات جديدة ينبغي أن تكون قضايا النساء والمساواة والإنصاف في صلبها”، فضلا عن الرهان المرتبط بتوسيع ممارسة مجلس النواب للاختصاص في التقييم إذ أنه لأول مرة منذ الشروع في ممارسة هذا الاختصاص من جانب المؤسسة التشريعية سنة 2015 يختار المجلس تقييم شروط وظروف تنظيم قانون ساري المفعول لا تخفى أهميته ورهانات تطبيقه”.

من جهته، تطرق عضو الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا ساسا ماكازينوفيتش إلى خطورة ظاهرة العنف الممارس ضد النساء على المستوى العالمي مستدلا على ذلك بمعطيات لمنظمة الأمم المتحدة تفيد بأن “ثلث النساء في العالم تعرضن لعنف جسدي أو جنسي، مرة واحدة على الأقل في حياتهن”، ومشيرا إلى أن “معظم دول العالم لا تتوفر على قوانين وحتى إن وجدت فذلك لا يعني أنه يتم تطبيقها وفقا للمعايير الدولية او احترامها بالكامل”.

وركز السيد ماكازينوفيتش على أهمية الاستثمار في الجانب الوقائي بدلا من التعامل مع تبعات وعواقب الظاهرة، مشددا على ضرورة القيام “بعمل جاد ومسؤول لتوفير البيئة الملائمة لحماية النساء من العنف”.

من جانبه ، ثمن رئيس قسم التعاون لدى سفارة الاتحاد الأوروبي بالمغرب، روكو باسكو، تنظيم هذا اللقاء الدراسي “الذي يعد فرصة مهمة لتقييم القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء”، مبرزا أن الاتحاد الأوروبي يعمل إلى جانب المغرب في إطار استراتيجية طموحة وشراكة مثمرة.

وأكد في هذا السياق، التزام الاتحاد بدعم الإصلاحات التي انخرط فيها المغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مشيدا بجودة التعاون في المجال البرلماني “من خلال تقاسم قيمنا المشتركة ودعم المشاريع التي تروم تعزيز قدرات مجلسي البرلمان في الاضطلاع باختصاصاتها وفقا للدستور”.

وسجل المسؤول الأوروبي أن القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء يعد أحد النصوص الأكثر أهمية التي عززت الترسانة القانونية المغربية ،علاوة على مدونة الأسرة، لافتا إلى أن مقتضيات القانون تجد بعض تجلياتها في سياسة الاتحاد الأوروبي “لاسيما عدم التسامح مع أي شكل من أشكال العنف ضد النساء”.

وتتواصل أشغال هذا اللقاء الدراسي في إطار أربع جلسات تناقش تطبيق القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء وفقا لرؤية الحكومة، ومن حيث الممارسة القضائية وعمل الضابطة القضائية، فضلا عن استعراض نماذج من الممارسات المقارنة والتعرف على مقاربة الفاعلين الحقوقيين والخبراء.

وسجلت الورقة التأطيرية لهذا اللقاء أنه إذا كان التشريع من الاختصاصات الأساسية للبرلمان، فإن الإشكال الأساسي الذي يطرح في معظم البلدان يتمثل في تسجيل العديد من الإشكاليات المرتبطة بتطبيق القوانين رغم التصويت عليها من طرف المؤسسات التشريعية، ومن ثمة تبرز أهمية البرلمانات ليس فقط في تتبع ومعرفة الحالة التي تكون عليها القوانين بعد إصدارها، بل تمتد هذه الوظيفة الى القيام بعملية التقييم والتدقيق.

وأبرزت الوثيقة أن هذه العملية تتوخى مراقبة مدى تحقيق التشريعات لأهدافها المرجوة، ومدى تأثيرها على الفئات المستهدفة وعلى باقي الفئات الاخرى، و تحديد الآثار الجانبية التي قد تكون ترتبت عليها، بالإضافة إلى تقييم انعكاسها عند التطبيق على باقي القوانين والتشريعات الموجودة، وذلك لضمان تناسق المنظومة التشريعية برمتها، و استفادة المواطنين منها كما أريد لها في الأصل.

قد يعجبك ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق