مجتمع

حكومة العثماني وبلاغات الدقيقة 90..!!

ربما نحن البلاد الوحيدة بين بلدان العالم التي تأخذ قراراتها فجأة خصوصا تلك التي تتعلق بالمواطن البسيط، ولا بأس من الاعتراف بأننا شعب الله المختار الذي اصطفى له خيرة المسؤولين ليقرروا بدلا عنه ما يبدو لهؤلاء أنه في مصلحة المواطن.

قمة العبث بل هو العبث في أبشع تجلياته أن يتم إصدار قرار منع التنقل فجأة وبدون مقدمات أيامًا قليلة قبل عيد الأضحى المبارك، ومن أخذ هذا القرار فجأة ظنا منه أنه لغرض منع الاكتظاظ وضمان التباعد الاجتماعي حرصا على سلامة المواطنين، وجب إخباره بأن ظنه آثم.
ما حدث بمحطة الدار البيضاء المسافرين أمر يجعلنا نتساءل عن دور الجهات المعنية بالأمر في كيفية تدبير الأزمات خصوصا وأننا نعيش زمنا “كورونيا” صعبا، زمن يجعلنا جميعا مواطنين وأصحاب قرار مسؤولين عما ستؤول إليه الأمور.

ازدحام واكتظاظ رهيب أمام البوابات الزجاجية المؤدية إلى قاعة الانتظار، وخرق سافر لتعليمات وزارة الصحة بتطبيق التباعد الاجتماعي، وما حدث هو “التَّعْنَاك الاجتماعي” ومواجهات وملاسنات حادة بين الباحثين عن تذكرة سفر ورجال الأمن الخاص بالمكتب الوطني للسكك الحديدية، وتدافع وكمامات معلقة على الأذن وصراخ أطفال وأصوات رجال وشبان تحتج على الوضع القائم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

المحطات كلها تعُج بالمسافرين والطرق السيارة تشهد ازدحاما رهيبا وطوابير مصطفة من السيارات الهارب أصحابها من ساعة الصفر القاضية بمنع السفر، وربما بقليل من التفكير كان من الممكن تجاوز كل هذا لو أن حكومة العثماني تعاملت بحكمة أكثر من هذه.
كان على الجهات المسؤولة على الأقل أن تمنح فرصة للمواطنين عبر إخبارهم بأسبوع على الأقل بأن السفر سيمنع ابتداء من التاريخ كذا، ولست أدري حقا كيف تنام حكومة العثماني ليلا ثم تستيقظ في الصباح ببلاغات مثل هذه، بلاغات المتضرر الوحيد فيها هو المواطن العامل والمُغْتَرب والمهاجر كَرْهاً للبحث عن لقمة عيشه خارج أسوار مدينته.

العثماني لا يجيد التواصل ولا يعرف ماذا يقول حين يطل علينا وكل ما فعله طيلة الفترة الماضية أنه كان يوصي المغاربة بغسل اليدين بالماء والصابون، دون تقديم أي جديد يُذكر، وهاهي ذي حكومته مرة أخرى تذهلنا ببلاغاتها وقرارتها المفاجئة دون الأخذ بعين الاعتبار أنه العيد وأن المناسبة كانت تستحق حكمة أكبر في تدبير المرحلة، وأنه “للي فينا كافينا” ولم نكن بحاجة إلى بلاغ مثل هذا في الدقيقة 90 يقلب كياننا ويحول السفر إلى هروب شاق ويصبح البحث عن تذكرة قطار أو حافلة مثل البحث عن قطعة خشب تنقذ غريقا من سيل جارف.

قد يعجبك ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق