سياسة

البرلمانية ماء العينين تكتب “ماذا غيرت فيكِ السياسة؟”‎

بقلم : أمينة ماء العينين قيادية في حزب العدالة والتنمية
في إطار حوار أجرته معي صباح اليوم صحفية أقدرها في إحدى المجلات، سألتني سؤالا لم أطرحه على نفسي من زمن طويل: ماذا غيرت فيك السياسة؟
فكرت في الجواب، ووجدت أن أبرز تغيير يمكن أن تحدثه فيك مدرسة السياسة( وهي بحق مدرسة عظيمة) أن تكون قادرا على الفهم والتفهم والتحليل والكثير من النسبية وتقبل الاختلاف.
كنا نقرأ عن هذه المبادئ، لكن مع مرور السنوات صرت أمارسها، أعترف أنني مررت في تكويني السياسي من مرحلة الإطلاق وبعض الدغمائية وعدم القدرة على هضم الإختلاف مع بعض الفكر الطائفي المنغلق، وهي سمة لازمت الإيديولوجيا عبر التاريخ وبَصَمت تكوين وسلوك كل التيارات والإنتماءات الإيديولوجية.
السياسة منحت لي فرصة الإنصات للناس والاحتكاك بهم في كل مستوياتهم وباختلافهم وتعددهم اجتماعيا وفكريا وثقافيا.
طورتُ في داخلي مع الأيام حسا ديمقراطيا يقبل النقد ويسهم فيه، بل ويستوعب حتى الهجوم والاستهداف المباشر، كما تعلمت الدفاع عن رأيي والقبول ب “الهزيمة” حينما تتم بأدوات ديمقراطية، لذلك خرجت دائما مرتاحة من كل المعارك السياسية التي خسرتها ديمقراطيا وهي متعددة داخل حزبي وحتى خارجه.
علمتني السياسة أن البيداغوجيا في التغيير مهمة، وأنها تتطلب نفَسا طويلا وصبرا ومكابدة، والإيمان بكون المبادرات الصغيرة تنمو وتزهر وتعطي في النهاية ثمارا طيبة حينما يتعهدها المبدئيون وذوو النفس الطويل، فعدو السياسة هو الاستعجال.
لم تغير فيَّ السياسة شيء واحدا بل وأشعر أنها زادت في ترسيخه: الكْلمة…فحينما ألتزم، أكون مستعدة للثبات في التزامي إلى النهاية مهما كانت الضغوطات والخسائر، وهو ما يعتبره الكثير من أصدقائي عيبا في وسط يقولون أن عملته الرابحة هي البرغماتية.
نحتاج في السياسة إلى الإنصات للمختلفين والتعلم منهم وإرساء جسور الحوار مع الجميع، نستفيد ونفيد، نتغير ونغيِّر. كما نحتاج الى عقول مستنيرة وقلوب صافية لا تحقد ولا تؤذي ولا تبحث عن النجاح بتحطيم الآخرين.
نحتاج في السياسة كما في الحياة إلى الصفاء ونبذ الأنانيات والوفاء بالالتزامات والقدرة على التسامح، وهي دروس نتعلمها كل يوم.
أنا مدينة للسياسة ومدرستها، ومدينة لكل التنظيمات التي تكونت بداخلها، ولكل أولئك الذين تعلمت منهم بمن فيهم أولئك الذين تعمدوا إذايتي.
السياسة الحقيقية والحزبية الحقيقية تدعو إلى الفخر وفضيلة الاعتراف.

قد يعجبك ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق