رياضة

ياسين بونو.. القفاز الذهبي الذي انطلق من المحلية ليعانق العالمية 

حمزة شبكي
عندما كان المغاربة يعيشون على أعصابهم أثناء مباراة المغرب واسبانيا في ثمن نهائي كأس العالم قطر 2022، وببلوغ الضغط النفسي منتهاه أثناء ضربات الترجيح، كان الحارس ياسين بونو يصد ضربات الترجيح بابتسامته المميزة، ويعيد كتابة التاريخ الكروي المغربي بأحرف من ذهب خالص، ليتم رفعه من طرف زملائه اللاعبين عاليا بعد تحقيق التأهل للربع، لكن ليس أعلى من المدى الذي رفع بونو اسم المغرب إليه.
المحلية… نقطة إنطلاق الأسد
رأى ياسين بونو النور بكندا سنة 1991، لكنه لم يعمر طويلا هناك بانتقاله رفقة والديه إلى الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للمغرب، وهو ابن ثلاث سنوات فقط، ودفعه عشقه للساحرة المستديرة وحراسة المرمى إلى التسجيل في مدرسة الوداد الرياضي أين تعلم أبجديات الكرة، فيتم تصعيده إلى الفريق الأول للوداد من طرف مدرب النادي آنداك بادو الزاكي وهو يبلغ 19 سنة فقط، وذلك موسم 2009/2010.
شهدت مباراة الوداد والترجي التونسي، ضمن نهائي دوري أبطال إفريقيا لموسم 2010/2011، الميلاد الرسمي الأول للحارس ياسين بونو، فبعد إصابة الحارس الأول نادر لمياغري، تم إسناد مهمة حراسة مرمى الفريق الأحمر لبونو، ليقدم مباراة تليق به رغم هزيمة الوداد وخسارته للقب.
أتلتيكو مدريد.. أول الغيث قطرة
لم يمر تألق بونو رفقة الوداد في نهائي دوري أبطال إفريقيا، ثم مباريات البطولة الوطنية، مرور الكرام، فقد دفع تألق الحارس الذي بصم على إمكانيات عالية مقارنة بسنه الصغير، بالعديد من الأندية الأوروبية إلى مخاطبة وده، لينجح أتلتيكو مدريد الإسباني في خطف الموهبة الودادية والمغربية الصاعدة.
شارك بونو رفقة الفريق الثاني لأتلتيكو مدريد الممارس في الدرجة الثانية للدوري الإسباني، ليتم تصعيده موسم 2014 إلى الفريق الأول بعد رحيل تيبو كورتوا، لتتم إعارته لريال سرقسطة من أجل لعب دقائق أكثر مما كان يحظى به بنادي العاصمة، لينتقل بعدها إلى جيرونا لمدة موسمين.
“لي بغا لعسل يصبر لقريص النحل”، هو مثل مغربي شهير يليق بحالة ياسين بونو، الذي عانى في بداياته الإحترافية ليصل إلى ما عليه اليوم، فقد كشف أنه كان يتقاضى رفقة اتلتيكو مدريد راتبا أقل بكثير مما كان يتقاضاه بالوداد، لكنه فضل الصبر وتغليب مصلحة كسب التجربة وتطوير مستواه على الجانب المادي.
إشبيلية…محطة التألق والألقاب وملامسة العالمية
انضم بونو على سبيل الإعارة إلى اشبيلية الإسباني موسم 2019 قادما من جيرونا، ليعيش مع الفريق الأندلسي أزهى أيامه الكروية ويصبح من أفضل الحراس عبر العالم.
قاد بونو إشبيلية للتتويج بلقب الدوري الأوروبي بعدما بصم على مسار تاريخي بعد تصديه لضربة جزاء فريق وولفرهامبتون في ربع النهائي، وأبعد عدة أهداف محققة من مانشستر يونايتد في نصف النهائي ليساهم بشكل كبير في التتويج في النهائي على حساب انتر ميلان الايطالي بنتيجة 3/2، لكن يبدو أن بونو لم يكتف بلقبه الأوروبي الأول، ليفوز مجددا بلقبه الأوروبي الثاني موسم 2023 على حساب روما الإيطالي بعد تألقه في ضربات الترجيح.
حقق بونو عدة أرقام فريدة رفقة النادي الأندلسي، ففي فبراير 2021 دخل بونو تاريخ نادي إشبيلية والليغا بعد أن صمدت شباكه دون تلقي أي هدف لمدة 557 دقيقة في الدوري الإسباني. متجاوزًا الرقم القياسي للحارس بيتو البالغ 516 دقيقة والذي سجله عام 2015، وأصبح
أول حارس في تاريخ نادي إشبيلية يسجل هدفا في الدوري الإسباني، وأول حارس أفريقي وعربي في التاريخ يسجل هدفًا في الدوريات الخمس الكبرى،  بهدفه في الدقيقة الأخيرة من المباراة أمام بلد الوليد لينقد فريقه من الخسارة بعدما كانوا متأخرين بهدف، كما تم تصنيفه أكثر الحراس حفاظًا على نظافة شباكهم في أوروبا سنة 2021، حيث حافظ على نظافة شباكه في 32 مباراة من 59 مباراة مع ناديه ومنتخب بلاده، متفوقًا على جميع الحراس في مختلف الدواري الأوروبية، إضافة إلى فوزه بجائزة زامورا كأفضل حارس في الليغا الإسبانية.
لامس بونو العالمية، فقد تم ترشيحه لجائزة “ياشين” ضمن جوائز الكرة الذهبية، كأفضل حارس في العالم مرتين، الأولى موسم 2020/201، والثانية الموسم الحالي 2023.
مسيرة بونو رفقة أسود الأطلس
في 19 يونيو 2012، تلقى بونو استدعاء من الهولندي بيم فيربيك للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية 2012 في لندن مع المنتخب الأولمبي المغربي، لكن استدعائه الأول للمنتخب الوطني المغربي كان في عهد الناخب الوطني آنداك رشيد الطاوسي ، وبالتحديد خلال المباراة الودية التي جمعت النخبة الوطنية بالطوغو والتي انتهت بانتصار الأخير بهدف لصفر، وهي المباراة التي كان خلالها بونو احتياطيا.
ظل ياسين بونو احتياطيا لمختلف الحراس الذين تعاقبو على مرمى الأسود، لكنه مباشرة بعد نهائيات كأس العالم بروسيا، والتي كان خلالها احتياطيا لمنير لمحمدي، انقض على الرسمية في بعض المباريات في تصفيات كأس إفريقيا بمصر 2019 ثم لعبه أساسيا في تلك الدورة، ليخوض بعدها في عهد المدرب وحيد خليلوزيتش، تصفيات كأس أمم إفريقيا 2021 ثم تصفيات مونديال قطر 2022، مساهما في التأهل للأخير بعد تألقه اللافت.
مونديال قطر…قطف ثمار الإجتهاد وصبر السنين…
كان الحارس ياسين بونو ضمن اللائحة النهائية لكتيبة وليد الركراكي الموجهة إلى قطر لخوض أول نسخة مونديال تنظم على أرض عربية، وأضحى على موعد مع ثاني مونديال شخصي له وأول مونديال يخوضه وهو بالتشكيلة الرسمية للأسود.
وقف بونو سدا منيعا أمام الحملات الهجومية للمنتخب الكرواتي ضمن أولى مباريات دور المجموعات، وكان له الفضل في تعادل صعب أمام منتخب يضم لاعبين عالميين.
كان لبونو الفضل في تأهل المنتخب المغربي إلى ربع نهائي كأس العالم بعدما حافظ على نظافة شباكه طيلة 120 دقيقة، بالإضافة إلى التصدي لركلتي ترجيح أمام المنتخب الإسباني، كما ساهم في وصول المنتخب المغربي إلى نصف نهائي كأس العالم، بعد وقوفه كالحصن المنيع ضد تسديدات لاعبي البرتغال لتنتهي المباراة بفوز المغرب 1–0، ليصبح بذلك أول منتخب أفريقي وعربي يصل لهذه المرحلة من البطولة، وفاز بونو بجائزة رجل المباراة في مناسبتين خلال مباراتي اسبانيا والبرتغال.

قد يعجبك ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق