مجتمع

« نعيمة لمشرقي » … وداعا أيتها الفنانة الإنسانة

✍🏻 محمد أبوسهل

ببالغ الألم و الأسى ودع الوطن نعيمة لمشرقي و في الرحيل وداع رمز فني ثقافي حقيقي …في غفلة منا و من الزمن ، و في هدوء ، سلمت نعيمة الروح لباريها في سن 81 سنة ، ترجلت عن صهوة الحياة و غادرت مبتسمة و قد أنذرت أكثر من ستة عقود من العمر في خدمة الفن بأجناسه بالمسرح و السينما و التلفزيون و الإذاعة تكتب بالصوت أرقى العروض و تشخص أجمل المشاهد و المواقف مصرة على إحترام الذوق الرفيع و ذكاء الجماهير ….
نعيمة ، الفنانة المشرقة إستنشقت أولى النفحات في درب كلوطي بدرب السلطان ، الحي الذي عشت فيه الولادة و الطفولة و عاش فيه والدي رحمه الله و والدتي اطال الله في عمرها الزمن الصعب في الوطن أيام الحماية ، في وسط وطني محافظ ، و في حي مشبع بالقيم الإنسانية و الإبداع ، كانت نعيمة ضمن الجيل الذي تلا رواد الفن في فجر الإستقلال ، جيل من الرياضيين في درب كلوطي : الدراج احمد بن أحمد بهلول – محمد الكرش – مصطفى شكري البيتشو – كبير- حميد بهيج – ابهيجة – مصطفى فهيم ميلازو- محمد عبد العليم بينيني – حمان جرير – عمر العماري و غيرهم….و جيل من الفنانين …المواهب الرفيعة…محمد الحياني – عبد اللطيف هلال – عائد موهوب – احمد الصعري – عبد العظيم الشناوي – صلاح الدين بنموسى – محمد الخلفي – محمد التسولي- علي الهواري – مصطفى التومي – عزيز سعد الله – مصطفى الزعري – مصطفى داسوكين – محمد الحبشي – محمد الركاب …….و كانت نعيمة فنانات اصيلات برزن في حضن محافظ : الشعيبية العذراوي – ثريا جبران – فاطمة بنمزيان – أمينة رشيد – حبيبة المذكوري- مليكة العماري – فاطمة الركراكي – نزهة الركراكي – صفية الزياني – نعيمة إلياس – رشيدة مشنوع – نعيمة بوحمالة – زهور السليماني فليفلة – عائشة ساجد ….جيل الغيوان و جيل جيلالة و تكدة …
و تميزت الحاجة نعيمة بقوة الحضور في العروض بدعم زوجها المخرج عبد الرحمن الخياط و تألقت في فرق: المعمورة – بساتين – الإذاعة و التلفزيون ‘ فرقة مسرح الناس و الطيب الصديقي و في الملاحم الوطنية ، و في الأعمال المسرحية و التلفزيون و السينما و برامج السمعي البصري ، و إشتغلت في ال هاكا و في العمل الجمعوي و كانت سفيرة النوايا الحسنة لدى اليونيسكو ….و قدمت إبداعا أرقى بالإرتباط بالمنتج و المخرج المبدع احمد بوعروة و المبدعة جميلة بورجي في مجموعة من الأعمال من بينها برنامج * امي الحبيبة * حيث ربطت الفني بالاجتماعي و الإنساني خدمة لأمهات و آباء وجدوا في جغرافيا الهامش ، و إنخرطت في الأهداف النبيلة ل الزميل احمد بوعروة الذي راهن على إشراك الفنانين الرواد رافضا ما يطالهم من نسيان و تهميش ممنهج ….و إستمرت الحاجة نعيمة في حياة فنية أكثر خطوبة في أدوار بهية تلائم ما راكمت من سنوات في خدمة الفن ….
و كانت الحاجة نعيمة صديقة عزيزة نتقاسم معها الأحداث الرياضية ، عاشقة لكرة القدم ، تجدها منتشية بالمنتخب الوطني يهزم كبار المنتخبات في العالم و تدعو للاعبين و المؤطرين و المسيرين ، و تفرح لكرة الصالات ، و تعيش لحظات الإرتفاع الروحي للأبطال – سفيان البقالي – نوال المتوكل- نزهة بيدوان – سعيد عويطة – عبد الحق عاشيق ….و لا تخفي المها لسوء احوال الآخرين …..لأنها الفنانة ، المبدعة و الإنسانة التي إنخرطت في قضايا الوطن و كرست حياتها في الإبداع و الفن تحمل في قلبها و عقلها وطنا انجبها و احبها و رعاها …هي المبدعة العاقلة الحكيمة ظلت هادئة حتى عند العياء و الوهن…بقيت بنفس الإيمان مستعدة للقاء الله و إنتقلت إلى دار البقاء وخلفة رصيدا فنيا كبيرا يترجم قيمة إمرأة مغربية رائعة ….و تغادرنا نعيمة في ظرف نودع فيه مبدعين كبارا …جمال براوي – بلعيد بويميد… و كأنها ايام الحزن في مدار الإبداع فهل مازال مكان لجروح أخرى!!!نتساءل و لا نقول إلا ما يرضي الله ….
نعيمة ….وداعا أيتها الفنانة …المبدعة الإنسانة …لن ننساك …

/محمد أبوسهل /

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close