
✍🏻 فاطمة الزهراء الجلاد
رغم الأدوار الكبيرة التي تضطلع بها النساء في القرى والمناطق الريفية المغربية، ومثابرتهن في مكافحة صعوبات الحياة اليومية، ما زالت وضعية النساء القرويات في المملكة تعاني من تجاهل مجهوداتهن. جاء ذلك وفقاً لديناميات حقوقية ومدنية ترى أن اليوم الدولي للمرأة الريفية، الذي يصادف 15 أكتوبر من كل عام، يشكل مناسبة لإعادة تسليط الضوء على معاناتهن، بهدف رفع الحيف المزدوج الذي يطالهن؛ حيف على أساس النوع وحيف آخر على أساس الانتماء للمناطق المهمشة.
**إشكاليات متعددة تواجه النساء القرويات**
إن النساء القرويات يعانين من عدم الاستفادة من نصف الثروة بعد الطلاق أو وفاة الزوج، رغم كونهن يحملن يومياً ثقلاً كبيراً من الأعمال الفلاحية مثل الرعي وتربية الماشية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التغيرات المناخية، مثل الجفاف، تزيد من معاناتهن، حيث يضطررن لقطع مسافات طويلة بحثاً عن الماء، مما يجعلهن عرضة للتحرش والاعتداءات، ويقلل من مداخيل تعاونياتهن الفلاحية.
وفي هذا السياق، أشارت بشرى عبدو، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، إلى أن اليوم الدولي للمرأة الريفية فرصة لتسليط الضوء على معاناة النساء القرويات. وأضافت أن هذه النساء، بالإضافة إلى القيام بكافة الأعمال المنزلية، يشاركن في الأعمال الفلاحية دون أن يتم الاعتراف بجهودهن، مؤكدةً أن الجهود المبذولة من قبل النساء القرويات لا تقابل بتقاسم الثروة الناتجة عن الأنشطة الفلاحية أو الأملاك الزراعية بشكل عادل في حالة الطلاق.
**التغيرات المناخية تزيد من التحديات**
تعد النساء القرويات من أكثر الفئات تضرراً من تداعيات التغيرات المناخية في المغرب، حيث يضطررن يومياً لقطع مسافات طويلة لجلب الماء، مما يعرضهن لخطر التحرش الجنسي. كما أن إنتاج تعاونياتهن الفلاحية يتراجع بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية نتيجة للجفاف.
فإن التعاونيات الفلاحية، رغم الدعم القوي الذي توفره الدولة، لا تزال غير قادرة على تحقيق التمكين الاقتصادي للمنخرطات فيها، نظراً لعدم توفرهن على الإمكانيات المادية اللازمة للمشاركة في المعارض الدولية.
**معاناة مضاعفة في المناطق الجبلية**
من الواضح أن المرأة الجبلية تعاني من تمييز مزدوج؛ كونها امرأة قروية ومن سكان المناطق الجبلية التي تعاني من العزلة ونقص الخدمات العمومية مثل الكهرباء والمياه الصالحة للشرب. وضعف خدمات التعليم في هذه المناطق، بالإضافة إلى المعتقدات الثقافية التي تفضل زواج الفتيات في سن مبكرة، يؤدي إلى ارتفاع نسب الأمية والهدر المدرسي بين النساء الجبليات.
**حلول مقترحة لتحسين وضعية النساء القرويات**
تتمثل الحلول في أن إعادة الكرامة للمرأة الجبلية والقروية بشكل عام تتطلب بلورة سياسة متكاملة للنهوض بالمناطق الجبلية، تشمل تعزيز العرض الصحي وإنشاء مدارس وإعداديات وثانويات لتشجيع تمدرس الفتيات ومحاربة تزويجهن في سن مبكرة. ولا بد من التأكيد على ضرورة تقديم الدعم المادي الكافي لتسهيل مشاركة التعاونيات الفلاحية في التظاهرات الدولية وتكثيف المعارض الوطنية الخاصة بمنتجاتهن.
وفي ظل المعطيات السابقة، يبدو أن النساء القرويات في المغرب ما زلن يعانين من تجاهل جهودهن ومساهماتهن الكبيرة في الحياة اليومية. ومن الضروري اتخاذ خطوات فعلية لتحسين وضعهن من خلال سياسات متكاملة تهدف إلى تعزيز حقوقهن وتوفير الفرص الاقتصادية والتعليمية لهن، مما يسهم في تحقيق العدالة والمساواة في المجتمع المغربي.