في خطوة هامة نحو تعزيز الانتقال الطاقي في المغرب، صادق مجلس الحكومة مؤخراً على ثلاثة مشاريع مراسيم جديدة تهدف إلى تحسين الإطار القانوني والتنظيمي للطاقة. هذه المشاريع، التي قدمتها وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي، تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية.
– الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء
في سياق متصل، تم تعزيز صلاحيات الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء بهدف مواكبة التحولات العميقة في قطاع الطاقات المتجددة. تتولى هذه الهيئة، برئاسة عبد اللطيف برضاش، مهام متعددة تشمل تحديد تعريفة استعمال الشبكة الكهربائية والمصادقة على البرامج الاستثمارية لمسير الشبكة الكهربائية الوطنية للنقل. كما تتمتع الهيئة بصلاحيات فرض العقوبات وفض النزاعات لضمان المنافسة والشفافية في القطاع.
ومن جهته أعرب الخبير الاقتصادي، علي الغنبوري في حديثه لموقع Le 7TV، أن “الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تلعب دورا محوريا في تعزيز الانتقال الطاقي في المغرب، من خلال تنظيم قطاع الكهرباء وضمان سيره بشكل شفاف وفعال.”
وأضاف المتحدث، أن “هذه الهيئة تعمل على تنظيم القطاع من خلال معايير واضحة لمراقبة الفاعلين في السوق وضمان الامتثال للقوانين، مما يساهم في استقرار السوق ويشجع على الاستثمارات الجديدة في الطاقات المتجددة، كما تضمن لهيئة المنافسة العادلة، من خلال مراقبة السوق، ومنع الاحتكار وتعزز التنافسية.”
وتهدف الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، أيضا الى حماية المستهلك وتوفير الكهرباء بأسعار معقولة وجودة عالية، كما تساهم في تطبيق السياسات الحكومية المتعلقة بدمج الطاقات النظيفة، وتشجع الإنتاج الذاتي ونقل الكهرباء الخضراء، ما يعزز التحول نحو اقتصاد مستدام.
– مشاريع المراسيم وأهدافها
العدادات الذكية:
– يهدف مشروع المرسوم رقم 804.24.2 إلى تطبيق أحكام القانون رقم 82.21 المتعلق بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية. يوفر هذا المشروع إطارًا لاستخدام العدادات الذكية التي تتيح التحكم عن بعد وتساعد في إدارة استهلاك وإنتاج الكهرباء بشكل فعال، مما يسهم في تعزيز الشبكات الكهربائية الذكية في المغرب.
شهادة الأصل للطاقة المتجددة:
– يتعلق مشروع المرسوم الثاني بشهادة الأصل للطاقة الكهربائية المنتجة من مصادر متجددة، وفقًا للمادة 6 من القانون رقم 13.09. يهدف هذا المشروع إلى تحديد شروط منح هذه الشهادات وضمان قبولها على المستوى الدولي، مما يفتح الأبواب أمام تسويق المنتجات الخضراء وتطوير الاقتصاد الوطني في مجال الطاقات المتجددة.
دفتر التحملات لشركات الخدمات الطاقية:
– مشروع المرسوم الثالث يركز على النجاعة الطاقية ويهدف إلى تحديد إطار عمل لشركات الخدمات الطاقية، بما يعزز من الكفاءة الطاقية ويساهم في تقليل استهلاك الطاقة وتحسين الأداء الطاقي للتجهيزات والمعدات.
وأكد رئيس مركز الاستشعار الاقتصادي خلال تصريحه، إن “هذه المراسيم الثلاثة تمثل خطوة مهمة نحو تفعيل أهداف النموذج التنموي الجديد، وذلك من خلال تحفيز الاستثمار، وتعزيز الحكامة، وتطوير البنية التحتية، وتشجيع الابتكار، وتحقيق الاستدامة.”
وفي سياق متواصل أصدر جلالة الملك سابقا توجيهاته السامية للانكباب على إجراء إصلاح عميق للهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، وتحويلها إلى هيئة وطنية لضبط قطاع الطاقة بشكل أوسع، حيث أوضح علي الغنبوري، أن “هذا الإصلاح سيشمل مراجعة القانون المتعلق بالهيئة وتوسيع اختصاصاتها لتشمل كافة مكونات قطاع الطاقة، بما في ذلك الكهرباء، الغاز الطبيعي، الطاقات الجديدة، مثل الهيدروجين ومشتقاته، بالإضافة إلى مجالات الإنتاج والتخزين والنقل والتوزيع.”
وأضاف الخبير الاقتصادي، إن هذه الإصلاحات تهدف إلى مواكبة مستوى النضج الذي بلغه قطاع الطاقة في المغرب، بما يتماشى مع الممارسات الدولية الفضلى.
وتابع الغنبوري حديثه، “ستسهم الهيئة الوطنية لضبط قطاع الطاقة في ضمان إطار قانوني مستقر، مما يشجع على الاستثمار في الطاقات المتجددة ويعزز من تحقيق الهدف الوطني برفع حصة الطاقات المتجددة في المزيج الطاقي الى 52 في المئة من المزيج الطاقي في افق 2020، كما أن تقوية دور الهيئة سيعزز الشفافية والحكامة الجيدة، وهما من الأسس الأساسية للنموذج التنموي الجديد”.
وأكد الخبير الاقتصادي، إن “هذه المراسيم ستساهم في تحديث شبكة الكهرباء وتعزيز قدراتها لاستيعاب مشروعات الطاقة المتجددة الجديدة، كما ستضع أسسا لدعم البحث والتطوير في مجال الطاقة، مما يعزز مكانة المغرب كمركز إقليمي للطاقة النظيفة، وفي الوقت نفسه، ستساهم هذه الإصلاحات في تحقيق الاستدامة، من خلال تقليل الاعتماد على الطاقات التقليدية وتقليص الانبعاثات الكربونية، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.”
وأوضح الخبير، إن “هذه المراسيم ليست مجرد قوانين تنظيمية، بل هي أدوات أساسية لتحقيق رؤية تنموية متكاملة ومستدامة، تواكب الإصلاحات الملكية الهادفة إلى تعزيز استدامة قطاع الطاقة وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة.”
وبالتالي فإن هذه التطورات تعكس التزام المغرب بتعزيز الانتقال الطاقي وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية للطاقة، وذلك تماشياً مع التوجيهات الملكية السامية.
ويسهم الإطار القانوني الجديد في جذب المستثمرين وتعزيز ثقة المانحين، فضلاً عن المساهمة في حماية البيئة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
من خلال هذه الإجراءات، يواصل المغرب مسيرته نحو اقتصاد أخضر ومستدام، مع التركيز على الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية كأولوية وطنية.
فاطمة الزهراء الجلاد.