سياسة
المغرب والاتحاد الأوروبي: شراكة استراتيجية في مرحلة حاسمة
تمر الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي بمرحلة مفصلية، حيث تعتبر هذه العلاقة مرجعًا في سياسة الجوار الأوروبي وتشهد اليوم تحديات كبيرة تحتاج إلى تعزيز ودعم.
خلال عام 2024، استمرت هذه الشراكة في الترسخ على أسس قوية ومتناسقة قوامها الثقة المتبادلة والقيم المشتركة والرؤية الطموحة. ومع ذلك، تحتاج هذه العلاقة إلى مزيد من الدعم والدفاع عنها في ظل التحديات الراهنة.
تطور الشراكة وتعزيزها
على مر السنوات، تعززت هذه الشراكة وأصبحت أكثر قوة، حيث نضجت لتقاوم الرياح المعاكسة والتدخلات القانونية والسياسية. ومع ذلك، يطالب المغرب، كشريك “موثوق ومخلص”، الاتحاد الأوروبي بوقف المضايقات القانونية والسياسية.
في هذا السياق، صرح وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، في لقاء صحفي بالرباط يوم 25 نونبر، عقب محادثاته مع المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع، أوليفر فاريلي، أن “المملكة المغربية تنتظر من الاتحاد الأوروبي إثبات التزامه بالشراكة عن طريق الأفعال وليس الأقوال”.
رؤية مشتركة ومستقبل واعد
أكد المغرب مرارًا على موقفه المبدئي، وينتظر من الاتحاد الأوروبي أن يحافظ على هذه الشراكة ويطورها. تمت مأسسة هذه العلاقة في إطار “الشراكة الأورو-مغربية من أجل الازدهار المشترك”، التي أُطلقت في يونيو 2019.
المفوض الأوروبي أوليفر فاريلي أكد على أهمية هذه الشراكة، مشيرًا إلى أن “المغرب شريك موثوق به وحاضر دائمًا، ويعتبر دعامة للاستقرار والازدهار على مستوى الأمن الإقليمي”.
دعم متواصل من الاتحاد الأوروبي
في القمة الأوروبية الأخيرة في أكتوبر، شدد قادة الاتحاد الأوروبي على “القيمة الكبيرة” لهذه الشراكة مع المغرب، وأكدوا على ضرورة تعزيزها. وكان هذا التزام الاتحاد الأوروبي الثالث منذ قرار محكمة العدل الأوروبية بإلغاء اتفاقيتي الصيد والفلاحة بين الرباط وبروكسيل.
رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، والممثل السامي السابق للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، جددوا التزامهم بالحفاظ على العلاقات الوثيقة مع المغرب وتعزيزها في جميع المجالات.
علاقات اقتصادية وتجارية وثيقة
واصلت الرباط وبروكسيل توطيد علاقاتهما الاقتصادية، حيث يعتبر المغرب الشريك الاقتصادي الأول للاتحاد الأوروبي في إفريقيا. كما أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول للمغرب. استكشاف سبل جديدة للتعاون وتعزيز قيم السلام كان دائمًا على جدول الأعمال، إضافة إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية والتطرف.
اتصالات على أعلى المستويات
استمرت الاتصالات على أعلى مستوى بين المسؤولين المغاربة والأوروبيين، كان آخرها لقاء رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، مع رئيسة البرلمان الأوروبي، روبيرتا ميتسولا، في بروكسيل يوم 3 دجنبر.
تعزيز التعاون في مختلف المجالات
تنوعت العلاقة بين الرباط وبروكسيل لتشمل مجالات جديدة مثل التعليم، البحث والابتكار، حيث تم توقيع برنامج دعم التعليم العالي والبحث والابتكار والتنقل بقيمة 490 مليون درهم. كما تم إطلاق برنامج “MA-JUST” لتعزيز العدالة في أكتوبر الماضي، وتوقيع اتفاقية لتعزيز الصناعات الثقافية والإبداعية.
مستقبل مشترك
أسس المغرب والاتحاد الأوروبي على مر السنين تعاونًا متينًا ومتعدد الأوجه. وتزداد أهمية هذه العلاقة في السياق الجيوسياسي الحالي، ومن المتوقع أن تتطور بشكل أكبر خلال الولاية الثانية لمفوضية أورسولا فون دير لاين التي بدأت في دجنبر 2024.
فاطمة الزهراء الجلاد.