تعديلات مدونة الأسرة: خطوة نحو المساواة أم تهديد للقيم التقليدية ؟
حيث يرى المؤيدون أن التعديلات المقترحة، وعلى رأسها تحديد سن الزواج بـ18 سنة شمسية وإدماج العمل المنزلي للزوجة ضمن الأموال المكتسبة أثناء الزواج، تعكس تقدماً في تعزيز حقوق المرأة وحماية الطفل.
لاسيما أن الناشطة الحقوقية مريم العلوي، أكدت أن “هذه التعديلات تأتي لتصحيح اختلالات كبيرة ظلت تشكل عائقًا أمام تحقيق العدالة داخل الأسرة المغربية، خاصة فيما يتعلق بزواج القاصرين والنفقة.” وأضافت: “الاعتراف بدور المرأة في العمل المنزلي يُعد خطوة جريئة نحو تحقيق المساواة الاقتصادية بين الزوجين.”
في حين يرى البعض أن هذه التعديلات تأتي استجابة للمواثيق الدولية التي وقّع عليها المغرب، والتي تلزمه بتعزيز حقوق المرأة والطفل، معتبرين أنها خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية الملك محمد السادس بشأن تطوير مدونة الأسرة.
في المقابل، يرى معارضو المشروع أن بعض التعديلات قد تتعارض مع قيم المجتمع المغربي المستمدة من الشريعة الإسلامية،ما تناوله محمد الإدريسي، الأستاذ الجامعي المختص في الشريعة الإسلامية، حيث قال أن : “التعديلات المقترحة يجب أن تراعي خصوصيات المجتمع المغربي. رفع سن الزواج إلى 18 سنة قد لا يكون مناسبًا لجميع الحالات، خاصة في المناطق القروية التي لها سياقات اجتماعية مختلفة.”
من جهة أخرى، اعتبر البعض أن إدماج العمل المنزلي للزوجة ضمن الأموال المكتسبة قد يؤدي إلى تعقيد العلاقات الأسرية ويزيد من النزاعات في حالة الطلاق.
و ضمن ذات الإطار ،وزير العدل عبد اللطيف وهبي دافع عن المشروع قائلاً إن “التعديلات جاءت لتلبية احتياجات المجتمع المغربي المتغيرة مع الحفاظ على توازن بين حقوق المرأة والرجل، ومراعاة مصلحة الطفل.”
وأضاف وهبي أن الوزارة استمعت لمختلف الأطراف، بما في ذلك الهيئات الحقوقية والمؤسسات الدينية، لضمان أن تكون التعديلات شاملة ومتوازنة.
و بينما يرى البعض في التعديلات خطوة نحو التقدم والعدالة، يعتبرها آخرون تهديدًا للتوازن القائم في الأسرة المغربية. حيث أن الجدل حول هذا الموضوع يعكس التحدي المستمر الذي تواجهه الحكومة في محاولة التوفيق بين التقاليد ومتطلبات العصر الحديث. ومع اقتراب عرض التعديلات على البرلمان، يترقب المغاربة بفارغ الصبر ما ستؤول إليه هذه النقاشات، والتي قد تعيد صياغة مفهوم الأسرة في المغرب.