مجتمع
من “التسامح” إلى “الشركة”: تعديلات مدونة الأسرة تثير جدلا حول مستقبل الأسرة المغربية
Le7tv.ma Send an email منذ 17 ساعة
أثار الجدل الدائر حول تعديلات مدونة الأسرة في المغرب تساؤلات عميقة حول مستقبل مؤسسة الزواج والأسرة في المجتمع. ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن هذه التعديلات تهدف إلى تحقيق مزيد من العدالة والمساواة، يرى البعض الآخر أنها قد تحول الأسرة من مؤسسة اجتماعية قائمة على التسامح والمودة إلى مجرد “شركة” تخضع لحسابات مالية دقيقة.
هذا ما عبر عنه أحمد كافي، أستاذ الدراسات الإسلامية، في تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك، حيث انتقد المقترحات الحالية لتعديل المدونة، معتبرا أنها تحول الأسرة “من مؤسسة مبنية على التسامح والفضل والمكارم إلى شركة”. ودعا كافي إلى ضرورة إشراك الرأي العام في مناقشة جميع تفاصيل التعديلات المقترحة، قائلا: “نريد أن نحاط علما بجميع ما تمت المطالبة بعرضه حتى نبدي الرأي الذي نتقصد منه تجويد قانون مدونة الأسرة المغربية”.
وتساءل كافي عن مدى انسجام بعض المقترحات مع قناعات عموم المغاربة الذين يحرمون الزنا، مشيرا إلى التباين بين ما ذكره وزير الأوقاف وما عرضه وزير العدل، خاصة فيما يتعلق بمنع التعدد إلا في حالة عقم الزوجة، معتبرا ذلك “توجه يتوافق مع نظرية القائلين بالحريات الفردية”.
وانتقد كافي بشدة مقترح “تثمين العمل المنزلي”، معتبرا إياه “كارثة ستحل بالأسرة المغربية”، ومشيرا إلى أن هذا المقترح “تولت أمره منذ مدة هيئات وشخصيات لا علم لها بالشريعة الإسلامية وأحكام الأسرة، ولم تقدم أي دراسة أو بحث علمي يقنع المغاربة بتحويل معالم الأسرة المغربية وهويتها”.
وتساءل كافي عن مصير مال الزوجة وحق الزوج فيه عند الطلاق أو الوفاة في ظل هذا المقترح، قائلا: “إن كان الظاهر أن لا شيء له فيه إلا نصيبه في الإرث فهل له نصيب في مال زوجته عند الطلاق أم لا؟”. كما استنكر الحديث “بلغة المال في الزواج”، معتبرا أن ذلك يقضي على قيم الأسرة ومقاصد الزواج.
ويرى كافي أن تثمين العمل المنزلي سيؤدي إلى تغيير المواد التي تنص على استقلال الذمة المالية للزوجين، حيث سيقتضي الأمر “التنصيص على استقلال الذمة المالية للزوجة فقط، ما دام الزوج لم تصبح ذمته المالية مستقلة عن الزوجة”.
كما تطرق كافي إلى وضع المساعدين المنزليين في ظل هذه التعديلات، معتبرا أن إلزام الزوج بدفع ثمن العمل المنزلي سيدفع الكثيرين إلى تسريحهم، لتجنب دفع أجرتين عن عمل واحد. وطالب بضرورة تحديد الدولة لهذا الثمن بشكل واضح، حتى يعرف الأزواج ما سيؤول إليه وضعهم مستقبلا.
وتساءل كافي عن وضع الزوجة العاملة التي تغيب عن البيت طوال اليوم، قائلا: “ما هو هذا العمل الذي يستوجب ثمنا، وتواجدها في البيت لا يتعدى الساعة والساعتين، ثم تسلم نفسها للنوم حتى تجهز نفسها لمغادرته في اليوم الموالي؟”.
وخلص كافي إلى أن “لا علاقة للكد والسعاية التي قال بها فقهاء المغرب وقضاته بالعمل المنزلي”، موضحا أن الفتاوى “صريحة في الكد والسعي ظاهره لا باطنه (الخدمة المنزلية)، أي الذي تمارسه المرأة خارج البيت، أو ما هو من الأعمال التي هي معدودة في العمل الخاص بالنساء”.
بهذا، يسلط أحمد كافي الضوء على جانب مهم من الجدل الدائر حول تعديلات مدونة الأسرة، حيث يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل مؤسسة الأسرة في المغرب، وما إذا كانت ستتحول من مؤسسة اجتماعية إلى مجرد علاقة تعاقدية تخضع لحسابات مالية.
فاطمة الزهراء الجلاد.