سياسة

الدكتور عبدالله بوصوف: 2024 كان عام الحصاد الإيجابي للعلاقات المغربية الإفريقية

إن العلاقة التاريخية العميقة التي تربط المغرب بإفريقيا تتجسد في وصف الملك الراحل الحسن الثاني للمغرب بأنه “شجرة جذورها في إفريقيا وأغصانها في أوروبا”. هذا الوصف حسب الدكتور عبد الله بوصوف الباحث في العلوم الإنسانية، يعكس بوضوح الروابط المتينة والمتنوعة التي تجمع المملكة المغربية بعمقها الإفريقي على المستويات التاريخية، الروحية، الاقتصادية، والثقافية.
وقد استمرت هذه الروابط تحت قيادة الملك محمد السادس في النمو والتعزيز، من خلال المبادرات الدستورية والمشاريع الاستراتيجية والشراكات الاقتصادية والدور المحوري في حل النزاعات الإقليمية.
إذ تعززت هذه العلاقات بشكل ملحوظ بعد الاستقلال، حيث لعب المغرب دورا مهما في دعم حركات التحرر الإفريقية، وكان أحد المؤسسين لمنظمات الإفريقية عدة.
 دسترة العلاقات الإفريقية
قال عبد الله بوصوف، إن مع دستور 2011 تحت قيادة الملك محمد السادس، أدرجت تقوية علاقات التعاون والتضامن مع الشعوب والبلدان الإفريقية كمبدأ دستوري. ورغم انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية سابقا، بسبب إدخال كيان غير شرعي إليها، ظل المغرب مرتبطا بآمال وآلام الشعوب الإفريقية. وقد تجسد ذلك في الزيارات المتكررة التي قام بها الملك محمد السادس لعدد كبير من الدول الإفريقية، موقعا مئات الاتفاقيات الاستراتيجية. وعند عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، جاء محملاً بمشاريع وآمال جديدة تعزز التعاون جنوب-جنوب.
 مبادرات مغربية متقدمة
بعد جائحة كورونا والحروب التي شهدها الشرق الأوسط وأوكرانيا، أكد الباحث في العلوم الإنسانية أن المغرب برز بمبادرة جديدة لتكتل دول غرب إفريقيا المطلة على المحيط الأطلسي، في خطاب المسيرة لعام 2023.
أما عام 2024 فقد شهد العديد من الأنشطة والاجتماعات الرسمية لتحقيق هذه المبادرة، إلى جانب مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، الذي يهدف إلى تغيير وجه غرب إفريقيا نحو “إفريقيا جديدة”. وقد لاقت هذه المبادرات دعما من عدة دول فتحت قنصلياتها في مدن الصحراء المغربية ورفضت كيان البوليساريو غير الشرعي في محافل دولية كالاتحاد الأوروبي والجامعة العربية.
 دور اقتصادي وروحي بارز
وأضاف الباحث، أصبح المغرب فاعلا اقتصاديا كبيرا في إفريقيا، من خلال توقيع شراكات استراتيجية في مجالات البنوك، الاتصالات، الطيران، الفلاحة، الطاقة، وتكوين العلماء والمرشدين الدينيين. ومن أبرز الإنجازات في هذا السياق، افتتاح محطة محمد السادس لتوليد الكهرباء في النيجر في دجنبر 2024. كما أن الثقة والمصداقية والتاريخ المشترك سمحوا للمغرب بلعب دور محوري في حل الأزمات الإقليمية، مثل الأزمة الليبية، والوساطة في عدة نزاعات، كالنزاع بين موريتانيا والسنغال وتحرير رهائن في بوركينا فاسو.
 تعزيز العلاقات مع موريتانيا
وأشار بوصوف، أن عام 2024 شهد زيارة تاريخية للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني للمغرب، وهي الأولى منذ 2019. هذه الزيارة كانت فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية والتعاون في ملفات استراتيجية. كما أن اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء في يوليو 2024 أضاف زخما للعلاقات المغربية-الموريتانية.
الجذور الروحية
من الناحية الروحية، أوضح الباحث في العلوم الإنسانية، أن العلاقات المغربية الإفريقية تجد عمقها في المشترك الديني، مثل بناء المساجد وإحياء الزوايا والطرق الصوفية. وقد انعقدت الدورة السادسة لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بفاس في دجنبر 2024، بمشاركة واسعة من العلماء والعالمات من 48 دولة إفريقية. كما نظمت في داكار “الأيام الثقافية الإسلامية” للطريقة التيجانية تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس.
عام 2024 كان عام الحصاد الإيجابي للعلاقات المغربية الإفريقية، مؤكدا وصف الملك الراحل الحسن الثاني للمغرب بأنه شجرة جذورها في إفريقيا وأغصانها في أوروبا. هذه العلاقات المتينة تستمر في النمو والتطور، معززة مكانة المغرب كفاعل رئيسي في القارة الإفريقية وعلى الساحة الدولية.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close