سياسة

شادي البراق في حوار مع Le 7TV “هل تخشى الجزائر مواجهة ملف الصحراء المغربية في مجلس الأمن؟”

بدأت الجزائر اعتبارا من يوم الأربعاء رئاستها لمجلس الأمن الدولي، حيث تعهدت بالتركيز على عدد من القضايا الحيوية خلال فترة رئاستها. وتأتي القضية الفلسطينية على رأس أولويات الجزائر في هذا الشهر، حيث أعلنت عزمها إعادة تسليط الضوء على ملف الاعتراف بدولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة.
كما تشير التوقعات إلى أن الجزائر ستعيد تقديم مشروع القرار المتعلق بالاعتراف بدولة فلسطين، رغم الإخفاق السابق الذي شهده المجلس في 18 أبريل 2024، عندما قوبل المشروع برفض أمريكي عبر حق النقض “الفيتو”، بينما امتنعت المملكة المتحدة وسويسرا عن التصويت، وصوتت لصالح المشروع 12 دولة فقط. هذه المحاولة الجديدة تأتي في سياق الجهود المستمرة لتعزيز الاعتراف الدولي بحقوق الشعب الفلسطيني.
وفي سياق متصل، غاب ملف النزاع حول الصحراء المغربية عن جدول أعمال المجلس خلال هذا الشهر، رغم كونه موضوعا مثيرا للجدل في المنطقة. ومع ذلك، أكد وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، خلال مؤتمر صحفي عقد يوم الاثنين الماضي، أن الجزائر تخطط لعقد اجتماع وزاري داخل المجلس لمناقشة تطورات القضية الفلسطينية والوضع في الشرق الأوسط.
يأتي هذا الاجتماع المرتقب كجزء من جهود الجزائر لتعزيز دورها الإقليمي والدولي في دعم القضايا العربية والإسلامية، خاصة في ظل استمرار التوترات السياسية والأمنية في المنطقة. وتؤكد هذه الخطوة سعي الجزائر إلى تسليط الضوء على القضايا الجوهرية التي تؤثر على استقرار الشرق الأوسط وتطوير استراتيجية موحدة لدعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
ومن المتوقع أن يشهد هذا الشهر تحركات دبلوماسية مكثفة من الجانب الجزائري، سواء من خلال المداولات داخل المجلس أو عبر لقاءات ثنائية مع الدول الأعضاء لتعزيز الدعم لمبادراتها. وفي الوقت نفسه، يظل التحدي الأساسي هو تجاوز العقبات السياسية القائمة داخل مجلس الأمن، لا سيما المواقف المعارضة من قبل بعض الدول الكبرى.
فما السبب الرئيسي حول استبعاد الجزائر لملف الصحراء المغربية ضمن جدول أعمال مجلس الأمن خلال هذا الشهر؟ وما مدى قدرتها على استثمار رئاستها الحالية في مجلس الأمن لدعم القضية الفلسطينية؟
في سياق هذه التساؤلات وبحثا عن إجابات موضوعية، المحلل السياسي والخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر شادي البراق عبد السلام، يوضح أهم النقاط المرتبطة بالسياقات الدبلوماسية والسياسية للرئاسة الجزائرية لمجلس الأمن خلال هذا الشهر، في حوار مع موقع Le 7TV، وفي هذا الحوار، سلطنا الضوء على أسباب غياب ملف الصحراء المغربية عن جدول الأعمال للمجلس. كما تطرقنا إلى محاولات الجزائر توجيه أولوياتها نحو القضية الفلسطينية وما إذا كان ذلك يعكس استراتيجيات أوسع لتعزيز نفوذها الإقليمي، أم أنه امتداد لسياستها الخارجية المثيرة للجدل.
وفيما يلي نص الحوار:
“الصحفي: نلاحظ غياب ملف الصحراء المغربية عن جدول أعمال مجلس الأمن خلال رئاسة الجزائر خلال هذا الشهر، هل يعني هذا تغييرا في أولويات الجزائر، أم أنه تكتيك دبلوماسي؟
المحلل السياسي: قرار تغييب أو إدراج ملف الصحراء المغربية ليس قرارا جزائريا مرتبطا برئاستها للدورة الشهرية لمجلس الأمن ولا يمكنها فرض أي إحالة دون توافق أعضاء مجلس الأمن، ولفهم أكثر لطبيعة صياغة برنامج العمل الشهري في الغالب تبدأ آلية التصويت على بنود برنامج العمل في مجلس الأمن بإعداد مسودة من قبل الدولة التي تتولى الرئاسة الدورية، بالتعاون مع الدول الأعضاء والأمانة العامة للأمم المتحدة، حيث تُحدد القضايا الأساسية التي ستناقش. تلي ذلك مشاورات غير رسمية تسمح للدول الأعضاء بتبادل وجهات النظر وطرح الآراء حول البنود المقترحة، مما يسهم في تحقيق توافق قبل الاجتماع الرسمي. وفي الاجتماع الرسمي، تُطرح البنود للمناقشة، حيث يُسمح للأعضاء بتقديم تعديلاتهم وملاحظاتهم. إذ يتم التصويت عادةً بالإجماع، لكن في حال عدم التوافق، يمكن أن يُجرى التصويت بالأغلبية. وتمتلك الدول الخمس الدائمة العضوية حق النقض (الفيتو)، مما يعني أنه يمكن لأي منها عرقلة القرار حتى لو حصل على أغلبية الأصوات. بعد التصويت، تُعلن النتائج، وإذا تم اعتماد القرار، يُضاف إلى برنامج العمل ويصبح ملزماً. يتابع مجلس الأمن تنفيذ هذه القرارات من خلال اجتماعات دورية لمناقشة التقدم المحرز، مما يضمن معالجة القضايا بشكل فعال وممنهج.
الصحفي: هل يمكن أن يكون هذا الغياب مؤشرًا على رغبة الجزائر في تجنب إثارة توترات إضافية مع المغرب خلال هذه الفترة من الرئاسة؟
المحلل السياسي: فشل الجزائر في تمرير مغالطات سياسية و قانونية في مجلس الأمن مرده إلى إبتعاد الديبلوماسية الجزائرية عن المنطق السليم و التحليل الدقيق و الفهم العميق لطبيعة التوازنات الدولية والإقليمية وعلاقتها بالوضع الجيوسياسي المتأزم، الذي تعيشه منطقة شمال وغرب إفريقيا والساحل، نتيجة تصاعد المخاطر المهددة للأمن البشري كالإرهاب و الهجرة والجريمة العابرة للقارات والإشكالات المرتبطة بالتغيرات المناخية والتطرف العنيف، حيث أن هذا النظام من خلاله سياساته الخارجية يكرس المخاطر والتحديات الامنية التي تهدد المنطقة من خلال دعمه الكبير لميليشيا البوليساريو الإرهابية بأمتدادتها المعروفة مع الجماعات المتطرفة والأرهابية في الساحل و الصحراء الكبرى، كما هو معروف و متفق عليه تقدم إلى أعضاء المجلس إحاطة في إطار المشاورات بشأن بعثة الأمم المتحدة الصحراء المغربية (مينورسو). من طرف إحاطة الممثل الخاص للصحراء المغربية ورئيس بعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية والمبعوث الشخصي للأمين العام للصحراء الغربية، ستيفان دي ميستورا في أبريل و أكتوبر حيث يتم إصدار قرار أممي مرتبط بالنزاع الإقليمي .
الصحفي: هل يشير تركيز الجزائر على القضية الفلسطينية إلى أولويات سياسية أم استراتيجية أوسع في المنطقة؟
المحلل السياسي: النظام الجزائري اليوم يحاول إعادة صياغة العقيدة الديبلوماسية الجزائرية بما يتناسب مع خططه التوسعية البومدينية على حساب محيطه الإقليمي بالإستغلال البشع والرديء للقضية الفلسطينية ومحاولة ربطها بالنزاع الإقليمي المفتعل في الصحراء المغربية، و الهدف الأساسي من وراءه هو التدخل في الملفات الإقليمية وتقديم الجزائر كعاصمة للوساطات الملغومة التي يبقى هدفها المستتر هو التدخل الجائر في سياسات دول الجوار .
الصحفي: ما مدى قدرة الجزائر على استثمار رئاستها للمجلس لتحقيق تقدم في الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية؟
المحلل السياسي: النظام الجزائري اليوم يعيش في عزلة دولية حقيقية يكرسها الفشل البنيوي الذي يعيش فيه الجهاز الديبلوماسي الجزائري نتيجة الإختيارات الخاطئة للنظام من خلال مراهنته على ميليشيا إنفصالية إرهابية من أجل تحقيق إختراقات ديبلوماسية و الإضرار بالأمن القومي للمملكة المغربية، فالجزائر طوال العقود السابقة لم تستطع تحقيق أي إنتصار سياسي في أي ملف تشتغل عليه وهذا راجع إلى الإشكالات البنيوية الكبرى التي يعاني منها جهاز الديبلوماسية الجزائرية من خلال وصاية مؤسسات أخرى عليه كالمخابرات و الجيش، والملاحظ ان العديد من الملفات وثقت سقوطا ديبلوماسيا جزائريا ونكوصا سياسيا لدوائر تأثيرها الخارجي، و بالتالي فرئاستها الشهرية لمجلس الأمن يمكننا اعتبارها لا حدث سياسي او ديبلوماسي، فالسياسات العقيمة للديبلوماسية الجزائرية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنتج مواقف أو قرارات قادرة على وقف الصراع العسكري أو إسكات البنادق في الحرب الدائرة حاليا في الشرق الأوسط .”
يبقى غياب ملف الصحراء المغربية عن جدول أعمال مجلس الأمن خلال الرئاسة الجزائرية نقطة جدل تعكس تعقيدات المشهد السياسي والدبلوماسي الإقليمي. وبينما يظهر النظام الجزائري محاولة لتسليط الضوء على قضايا أخرى مثل القضية الفلسطينية، فإن هذا التوجه لا يخفي الإشكالات البنيوية التي تواجه دبلوماسيته، ولا يقلل من تأثير مواقفه في تغذية التوترات الإقليمية.
في النهاية، يكشف هذا الحوار عن التحديات التي تواجه الجزائر في استثمار موقعها الدولي لتحقيق مكاسب استراتيجية. ومع استمرار هذه الإشكالات، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للجزائر أن تعيد صياغة دورها الدبلوماسي بما يخدم الاستقرار الإقليمي والدولي، أم أنها ستظل رهينة سياسات تتسم بالجمود والمواجهة؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف الإجابة.
الصحفية فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close