سياسة
إعادة افتتاح المعابر الحدودية بين المغرب وسبتة ومليلية: جدل وتوترات في الأفق
في خطوة طال انتظارها، أكدت الحكومة الإسبانية قرب افتتاح المعابر الحدودية بين المغرب ومدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، استكمالا للاتفاق الذي تم التوصل إليه منذ ثلاث سنوات عقب الاجتماع رفيع المستوى بين رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز وجلالة الملك محمد السادس. ورغم أهمية الخطوة، فإن الغموض حول موعد الافتتاح وتفاصيل الاتفاق أثار موجة من التساؤلات والانتقادات.
شروط مقيدة وانتقادات محلية
وفقا لصحيفة “إل فارو دي مليلية”، فإن إعادة فتح المعابر سيتضمن شروطا تقيد التدفق التجاري، حيث يسمح للمغرب بتصدير مواد البناء والفواكه والخضروات والأسماك، بينما تحدد المنتجات الإسبانية المسموح بدخولها إلى المغرب. وتشير المصادر إلى أن المنتجين في المدينتين فقط هم من سيستفيدون من هذه الخطوة.
صحيفة “إل باييس” كشفت أن المغرب وافق على إدخال منتجات مثل مستلزمات النظافة والأجهزة الإلكترونية غير المصنعة في المدينتين، لكن الحركة التجارية ستقتصر على شاحنة واحدة يوميا في كلا الاتجاهين، خلال ساعات محددة من أيام العمل. كما أن الاتفاق يفرض قيودا مثل الإخطار المسبق ومنع خلط أنواع المنتجات في نفس الشحنة.
جدل سياسي وتصريحات متباينة
في مليلية، أثارت هذه التطورات جدلا سياسيا، حيث صرحت مندوبة الحكومة، سابرينا موه، بأن الجمارك الجديدة ستتماشى مع المعايير الحديثة، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى إنهاء ظاهرة الحمالات وتحقيق تطبيع كامل للعلاقات الجمركية بشكل تدريجي.
في المقابل، عبر رئيس مليلية، خوان خوسيه إيمبرودا، عن مخاوفه من أن الشروط المفروضة قد تجعل المدينة “أشبه بمدينة مغربية”، واصفا القرار بأنه “تنازل عن السيادة الاقتصادية”. ودعا إلى ضرورة مراجعة الاتفاقية لضمان مصالح المدينة.
أما في سبتة، دعت مندوبة الحكومة، كريستينا بيريز، إلى التحلي بالصبر، مؤكدة أن إنشاء جمرك تجاري يمثل تحديا لوجستيا لم يكن موجودا من قبل.
اتهامات وضغوط سياسية
التوترات لم تقتصر على المدينتين، حيث اتهم خوسيه ماريا فيغاريدو، الأمين العام لحزب فوكس، رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز بـ”التنازل” عن الحدود لصالح المغرب. وزعم أن المغرب يمارس ضغوطا على سانشيز، ربما عبر قضية التجسس ببرنامج بيغاسوس، مما يؤثر على قراراته.
خطوة نحو تطبيع العلاقات أم أزمة جديدة؟
بينما تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز العلاقات التجارية بين المغرب وإسبانيا، فإن الشروط والتوترات المصاحبة تثير تساؤلات حول تأثيرها على المدينتين المحتلتين. هل ستنجح هذه المبادرة في تحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية والسياسية، أم أنها ستفتح الباب أمام أزمة جديدة؟ الأيام المقبلة ستكشف المزيد من الحقائق.
فاطمة الزهراء الجلاد.