مجتمع

أزمة الإعلام العمومي المغربي: مطالب بالإصلاح وضمان الشفافية

يشهد الإعلام العمومي المغربي انتقادات واسعة من قبل مكونات المعارضة في مجلس النواب، حيث تعالت الأصوات للمطالبة بإصلاح عميق يشمل تقوية حضوره، ضمان الشفافية في الدعم العمومي للمقاولات الصحفية، وتشكيل مجلس خاص بأخلاقيات المهنة، في ظل تحديات مالية وإدارية تواجه القطاع.

القطب العمومي والإعلام الجهوي

خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال، أشارت فرق المعارضة إلى أن الإعلام العمومي، الممول من أموال دافعي الضرائب المغاربة، لم يرتق إلى مستوى تطلعات المواطنين. وأكدت أن المشاهد المغربي بات يفضل القنوات الأجنبية على نظيراتها الوطنية، نتيجة لضعف المحتوى وجودة الخدمة المقدمة.

في هذا السياق، دعا الفريق الحركي إلى دعم الصحافة الجهوية والمحلية، مشيرا إلى أن الصحافة الجهوية بإمكانها لعب دور مهم في مواكبة المشاريع التنموية ورصد مشاكل الجهات والأقاليم. كما طالب بتوفير دعم مالي حقيقي وشفاف للمقاولات الصحفية الصغرى والمتوسطة، وتمكينها من شروط عمل ملائمة لتحفيز الصحفيين على تقديم محتوى مهني ومؤثر.

الحقوق الاجتماعية للصحفيين

شددت مداخلات المعارضة على أهمية تحسين الوضعية الاجتماعية للصحفيين، من خلال ضمان الحد الأدنى للأجور، الحماية الاجتماعية، وتوفير فرص التكوين المستمر. كما أثيرت قضية إنشاء مؤسسات للأعمال الاجتماعية للعاملين في القطاع، ودعم حرية الصحافة ضمن إطار قانوني يحمي الصحفيين من التعسفات ويوفر لهم بيئة عمل محفزة.

إصلاح التشريعات والنماذج الاقتصادية

دعا الفريق الحركي إلى مراجعة القوانين المنظمة للصحافة والنشر لتتماشى مع المتغيرات الحالية واستلهام التجارب الدولية الناجحة. وأشار إلى أن إعادة النظر في دفاتر التحملات والبرامج الخاصة بالإعلام العمومي ضرورة ملحة لضمان الجودة والتنوع. كما طالب بتقييم عقود البرامج الموقعة مع القنوات العمومية، خاصة مع وجود إشكالات تتعلق بالشفافية والتمويل.

تحديات التمويل والاستدامة

من جهة أخرى، أثار فريق التقدم والاشتراكية قضايا مرتبطة بالهيكلة المالية للإعلام العمومي، مسلطا الضوء على هشاشة النموذج الاقتصادي للقناة الثانية “دوزيم”. وأكد أن إشكالية التمويل تؤثر بشكل مباشر على قدرة القنوات العمومية على المنافسة وتقديم محتوى يلبي احتياجات الجمهور.

أزمة الصحافة الجهوية والمقاولات الصغيرة

كما انتقدت المعارضة نظام توزيع الدعم العمومي، الذي اعتبرته غير منصف، إذ يؤدي إلى إقصاء المقاولات الصحفية الصغيرة والمتوسطة والصحافة الجهوية. وطالبت بضمان تكافؤ الفرص في الاستفادة من التمويل والإعلانات العمومية، وتجنب تكريس الاحتكار لصالح المؤسسات الكبرى.

دعوة للحوار المجتمعي

وخلصت المداخلات إلى التأكيد على أهمية فتح نقاش وطني حول مستقبل الإعلام العمومي، يشمل جميع الفاعلين في القطاع، لضمان تقديم خدمة إعلامية عمومية تعزز التعددية والانفتاح، وتساهم في ترسيخ قيم الديمقراطية والتنمية الشاملة.

لقد بات واضحا أن الإعلام العمومي المغربي يواجه تحديات كبيرة تستدعي إصلاحا شاملا يضمن استقلاليته، نزاهته، وجودة خدماته. وفي ظل هذه الأوضاع، يبقى تحقيق العدالة الاجتماعية والشفافية في الدعم العمومي محورا أساسيا للنهوض بهذا القطاع الحيوي.

فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close