“تراجع نقابة الـPJD عن الإضراب الوطني: حكمة سياسية أم مناورة ظرفية؟”

هذا القرار يأتي في سياق اقتصادي واجتماعي متأزم، حيث يتصاعد الاحتقان نتيجة الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة وتزايد الضغوط على الطبقات المتوسطة والفقيرة. النقابة التي طالما رفعت شعارات الدفاع عن مصالح الشغيلة اختارت، على ما يبدو، مسار التهدئة بدل المواجهة، مما يعكس تحولًا في أسلوب تعاطيها مع القضايا العمالية.
تراجع النقابة قد يُفسر على أنه تعبير عن براغماتية سياسية تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار في ظل ظروف استثنائية، لكنه في الوقت ذاته قد يُفهم كخطوة تكتيكية لتفادي تصعيد غير محسوب العواقب، سواء على المستوى الشعبي أو في علاقتها بالحكومة. ومع ذلك، يظل هذا القرار محاطًا بالجدل، حيث يرى البعض أنه جاء نتيجة ضغوط أو توافقات سياسية خلف الكواليس، فيما يعتبره آخرون دليلاً على تراجع النقابة عن التزاماتها المعلنة.
تداعيات هذا القرار لن تتوقف عند حدود النقابة نفسها، بل ستمتد إلى تأثير أوسع على المشهد النقابي برمته. ففي الوقت الذي كان من المفترض أن يكون الإضراب رسالة قوية للحكومة، جاء هذا التراجع ليطرح تساؤلات حول جدوى العمل النقابي ومدى قدرته على التأثير في السياسات العامة.
في النهاية، سيظل قرار التراجع نقطة فاصلة في تاريخ النقابة، بين من يراه اختيارًا حكيمًا يهدف إلى تجنب التصعيد، ومن يعتبره خطوة ارتجالية ستُضعف من قدرتها على استقطاب قواعد جديدة أو الحفاظ على ثقة قواعدها التقليدية. الوقت وحده سيكشف ما إذا كانت هذه الخطوة ستُحسب للنقابة كقرار استراتيجي أم ستُعتبر خسارة لفرصة كان بالإمكان استثمارها لتعزيز موقفها في الساحة السياسية والاجتماعية.