مجتمع

الدولة تطالب بتعويضات تقدر ب 540 ألف درهم من طلبة الطب: جدل قانوني وسياسي حول “هيبة الدولة”

 في خطوة أثارت جدلا واسعا، طالبت الدولة المغربية بتعويض مالي يصل إلى 540 ألف درهم في محاكمة 27 طالبا من طلبة الطب، بدعوى تعرض “هيبتها للضرر”. هذه المطالبة، التي قدرت بـ20 ألف درهم لكل طالب، جاءت خلال جلسة محاكمة عقدت الأربعاء الماضي بالمحكمة الابتدائية في الرباط، ووصفت بأنها سابقة غير معهودة في العلاقة بين الدولة ومواطنيها.
دلالات قانونية وسياسية
النقيب عبد الرحيم الجامعي، وفي مقال له، اعتبر أن هذه الخطوة لا تقتصر على أبعاد قانونية فقط، بل تحمل معاني سياسية عميقة. وذهب إلى القول إن الدولة لم تكتف بتوجيه تهم جنائية للطلبة، بل طالبت بتعويضات مدنية عن “ضرر معنوي” يمس هيبتها، وهو ما وصفه بإشكالية تتعلق بمفهوم “الهيبة”.
وأشار الجامعي إلى أن استخدام هذا المفهوم في مذكرة الدولة يعكس معاني ترتبط بالخوف والإذلال، معتبرا أن هذا الإجراء يعكس خلطا بين المفاهيم القانونية والسياسية.
غموض قانوني وانتقادات للإجراءات
انتقد الجامعي غياب تعريف واضح للجهة التي تمثل “الدولة” في المذكرة المقدمة إلى المحكمة، مشيرا إلى أن الوثيقة لم تذكر اسم “الدولة المغربية” بشكل صريح، ما يعكس، حسب رأيه، محاولة للتهرب من الانتقادات والمسؤولية.
وأضاف أن إشراك مؤسسات مثل وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن الوطني والوكالة القضائية في القضية يعقد الأمور، إذ يصعب اعتبار هذه المؤسسات ضحية موحدة لأفعال الطلبة. وأوضح أن المادة 7 من قانون المسطرة الجنائية تحدد حقوق الدولة في المطالبة بالتعويض فقط في الحالات التي تستدعي استرداد مبالغ دفعتها لموظفيها أو ذوي حقوقهم نتيجة جرائم محددة، وهو ما لا ينطبق على هذه القضية.
“هيبة الدولة” بين القانون والسياسة
يرى الجامعي أن المطالبة بالتعويض عن “هيبة الدولة” تفتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول علاقة الدولة بمواطنيها. واعتبر أن هذا الإجراء قد يفهم كوسيلة ضغط على الطلبة، أو كأداة لقمع الأصوات المعارضة، مما يؤدي إلى تسييس المساطر القانونية.
كما انتقد توسيع مفهوم “الهيبة” ليشمل أبعادا غير قابلة للقياس قانونيا، مشددا على أن التعامل مع مؤسسات الدولة كضحية معنوية في مثل هذه القضايا يثير جدلا حول استقلالية القضاء وحدود الدولة في علاقتها بالمجتمع.
قضية طلبة الطب وما صاحبها من مطالبة بتعويضات مالية عن “هيبة الدولة” تسلط الضوء على التحديات القانونية والسياسية التي تواجه علاقة الدولة بمواطنيها. ويبقى التساؤل قائما حول حدود استخدام الدولة لمفهوم “الهيبة” في قضايا تثير نقاشا مجتمعيا واسعا، ومدى تأثير ذلك على الثقة بين المواطنين والمؤسسات.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close