مجتمع

العدالة والتنمية ينتقد مقترحات تعديل مدونة الأسرة ويثير تساؤلات حول التوازن المطلوب

أثار حزب العدالة والتنمية، في مذكرة أصدرها يوم أمس الأحد، جملة من الملاحظات بخصوص مقترحات تعديل مدونة الأسرة التي قدمها وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق. ورأى الحزب أن المقترحات لم تحترم التوازن الذي دعا إليه الخطاب الملكي في مناسبات سابقة، ووسعت نطاق الإصلاح ليشمل قضايا لم تكن موضوعا للنقاش في توجيهات الملك محمد السادس.
الخطاب الملكي والمرجعية الإصلاحية
ذكر الحزب أن الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش لعام 2022، وكذلك الرسالة الملكية لرئيس الحكومة في 26 شتنبر 2023، نصا على ضرورة أن يقتصر الإصلاح على معالجة الاختلالات التي ظهرت في التطبيق القضائي للمدونة، وعلى تعديل المقتضيات التي أصبحت غير ملائمة نتيجة التحولات الاجتماعية والقانونية التي شهدها المغرب. كما أكد الخطاب الملكي على أن مدونة الأسرة ليست حكرا على الرجل أو المرأة، بل هي إطار قانوني يهدف لتحقيق التوازن والعدالة بين جميع أفراد الأسرة.
انتقادات للإجبارية والتدخل في خصوصية الأسرة
وأشار حزب العدالة والتنمية إلى ما وصفه بالإصرار على فرض طابع الإلزامية في قضايا كان من الأفضل أن تترك لحرية الأطراف المعنية. ومن بين هذه القضايا مقترح تدبير الأموال المكتسبة خلال فترة الزواج، واشتراط استطلاع رأي الزوجة حول التعدد عند توثيق عقد الزواج. وأكد الحزب أن المدونة الحالية توفر حلولا لهذه القضايا دون الحاجة إلى فرض قوانين جديدة تقيد حرية الأفراد أو تنتهك خصوصية الأسرة.
تحفظات حول التوازن بين الحرية والقوانين الإلزامية
أبرز الحزب ملاحظة ثالثة تتعلق بضرورة احترام حرية الأفراد في اتخاذ القرارات المتعلقة بشؤون الأسرة، خصوصا في الحالات التي يتيح فيها الشرع مساحة للتصرف. وذكر أمثلة مثل السماح بالهبة والوصية بين الزوجين رغم اختلاف الدين، أو تمكين الأب من التصرف بحرية في أمواله. لكن الحزب انتقد في المقابل فرض قوانين إلزامية تقيد هذه الحرية، كإيقاف بيت الزوجية عن التركة، أو فرض التدبير المشترك للأموال المكتسبة خلال الزواج.
توقعات بزيادة النزاعات القضائية
واختتم الحزب ملاحظاته بالإشارة إلى أن بعض التعديلات المقترحة قد تخلق تعقيدات جديدة قد تزيد من النزاعات القضائية. وأشار إلى أمثلة مثل تقييم عمل الزوجة داخل المنزل، والديون المشتركة، وإيقاف بيت الزوجية، والنيابة القانونية المشتركة، مما قد يؤدي إلى إرهاق الأسر والجهاز القضائي.
الدعوة إلى اجتهاد فقهي وتجديدي
تأتي هذه الانتقادات في ظل دعوة الملك محمد السادس، خلال جلسة عمل بالقصر الملكي أواخر دجنبر الماضي، المجلس العلمي الأعلى إلى الاستمرار في الاجتهاد لمعالجة الإشكالات الفقهية التي تطرحها تطورات الأسرة المغربية. وأكد الملك على أهمية تقديم أجوبة تجديدية تراعي متطلبات العصر وتطلعات الأسرة المغربية. كما كلف الحكومة بالتواصل مع الرأي العام لتوضيح مستجدات المراجعة المرتقبة، بهدف بلورتها ضمن مبادرة تشريعية وفق الأحكام الدستورية.
يظل موضوع تعديل مدونة الأسرة قضية محورية، حيث يجمع بين تطلعات الإصلاح واحترام الخصوصية والتوازن داخل الأسرة المغربية.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close