سياسة

الهلالي: لا يعقل أن يكتوي المواطن بنار الغلاء ويراقب فضائح السياسيين… ثم يعيد التصويت على نفس الوجوه

بدأ النقاش يحتدم حول الانتخابات التشريعية المرتقبة في عام 2026، وسط تحركات مبكرة تعكس ملامح تنافس شديد على من سيقود “حكومة المونديال” المنتظرة. غير أن اللافت فيما يتم تداوله والترويج له حتى الآن هو غياب أحزاب المعارضة عن دائرة التنافس على صدارة المشهد السياسي في المرحلة المقبلة، حيث يتركز السباق حصريا بين أحزاب التحالف الثلاثي: “التجمع الوطني للأحرار”، و”الأصالة والمعاصرة”، وحزب “الاستقلال”.
وفي ظل سياق سياسي مستقر كالذي يعيشه المغرب، يفترض أن تشكل الانتخابات محطة لمساءلة الحكومة وأحزابها بشأن حصيلة تدبيرها خلال السنوات الماضية، وهي حصيلة لا بد أن تجمع بين النجاحات والإخفاقات. وعادة ما يكون هذا الواقع دافعا للمعارضة لاستثمار الهفوات والأخطاء الحكومية، بهدف التأثير في الرأي العام وتحفيزه على إسقاط الأحزاب الحاكمة عبر صناديق الاقتراع.
في هذا الصدد قال عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، امحمد الهلالي، في حديثه لجريدة «LE 7TV»، أن “ما يتابعه الرأي العام، وفق الوقائع الملموسة، هو بداية تصدع التحالف الحكومي وانخراط مكوناته في مناكفات وسجالات ذات خلفية انتخابية، ومحاولة إيهام الرأي العام بانطلاق التنافس السياسي، بينما في جوهره، لا يعدو الأمر أن يكون تفجرا لخلافات ظلت مكتومة، باتت تعبر عن نفسها في صورة تصريحات متبادلة حول من يحتل الصدارة بين مكونات التحالف. غير أن المعطيات الفعلية تشير إلى أن التنافس الحقيقي بين هذه الأحزاب يدور حول من يحصد المرتبة الأولى في عدد منتخبيه المتورطين في قضايا فساد مالي، أو اختلاس وتبديد المال العام، أو حتى في عدد البرلمانيين المتواجدين في السجون، والمتابعين قضائيا بتهم الفساد أو الاتجار بالمخدرات والجرائم الخطيرة الأخرى. “
وأضاف المتحدث قائلا: “فقد تحدثت الصحافة بالفعل عن ترتيب الأحزاب وفق هذه المعايير، وكان لافتا أن الخريطة السجنية للبرلمانيين تكاد تتطابق مع الخريطة الانتخابية ليوم 8 شتنبر 2021، حيث توزعت المقاعد الثلاثون على أحزاب التحالف الحكومي، بينما احتلت أحزاب المعارضة تمثيل اقل من احزاب الاغلبية في السجن، باستثناء حزب العدالة والتنمية. “
وتابع الهلالي حديثه، “من هذه الزاوية، نجد أن حزب التجمع الوطني للأحرار احتل المرتبة الأولى في عدد البرلمانيين ورؤساء الجماعات الموجودين في السجون، يليه حزب الأصالة والمعاصرة بفارق طفيف. لكن بالنظر إلى خطورة التهم الموجهة لبعض قادته وبرلمانييه، خصوصا قضايا الاتجار بالمخدرات التي تفجرت في قضية “إسكوبار الصحراء”، إضافة إلى أن بعض المتهمين ينتمون إلى الصف الأول من القيادة الحزبية، فقد يكون هذا الحزب مرشحا لاحتلال المرتبة الأولى، ليس في البرلمان كما يطمح، بل في سجن عكاشة وغيره من السجون في مدن أخرى! أما حزب الاستقلال، فإنه – للأسف – ينافس بعض منتخبيه على المرتبة الثالثة في خريطة الفساد السياسي والانتخابي، إلى جانب حزبي الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية، رغم تواجدهما في المعارضة. “
وأوضح عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، حسب تحليله للوضع الراهن داخل أحزاب التحالف الثلاثي أن “المرتبة الأولى في مؤشر مدركات الفساد وتضارب المصالح مرشحة للبقاء في قبضة حزب رئيس الحكومة، بسبب هيمنته على الصفقات الكبرى، خاصة مشاريع تحلية المياه في ظل تفاقم أزمة الجفاف، إضافة إلى استئثاره بصفقة تزويد المكتب الوطني للكهرباء بالفيول، وسيطرته على سوق المحروقات وقطاعات حيوية أخرى مثل الأوكسجين الطبي والهيدروجين.
أما فيما يخص التنافس في الفساد والاتجار بالمخدرات، فقد يبقى الترتيب على حاله بين مكونات الفساد السياسي والانتخابي، إلا إذا قررت الدولة تنظيم انتخابات مغايرة لما جرى في 8 شتنبر 2021، حيث سمح بعودة “الكائنات الانتخابية”، وغض الطرف عن استعانة الأحزاب الموالية للسلطة بـ”شناقة الانتخابات”، الذين كشفت التحقيقات تورطهم في كل شيء، بما في ذلك بيع الأصوات، تحت ذريعة إسقاط تجربة “الربيع الديمقراطي المغربي”، التي قادها الإسلاميون والقوى الديمقراطية. “
وأشار الهلالي في حديثه أيضا، إلى أن “الأغلبية الحكومية وأحزابها، التي فشلت في تحقيق أي من وعودها، لم تنجح في أي ملف، وخسرت رهان التواصل مع المواطنين، بل أصبحت خرجاتها القليلة مثار سخرية شعبية بسبب زلاتها التعبيرية، لا يمكنها أن تنافس المعارضة، التي تفوقت عليها تواصليا وسياسيا في البرلمان، وعلى الصعيد الشعبي كذلك. “
وشدد عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، على أن “التنافس سيبقى مفتوحا بين الجميع، فالشعب المغربي اعتاد على المفاجآت. فلا يعقل أن يكتوي المواطن بنار الغلاء، ويراقب فضائح السياسيين، وعجز الكفاءات، وارتباك الوزراء أمام الكاميرات، ثم يعيد التصويت على نفس الوجوه، إلا إذا كان المال الفاسد والضغط السلطوي بنفس الحدة التي شهِدها في 2021. وهذا أمر غير ممكن، بالنظر إلى الثمن الباهظ الذي دفعه المغرب، سواء على مستوى التنمية أو سمعته وصورته وإشعاعه، في ظل هذه الحكومة وأغلبيتها المفلسة.”
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close