
في خطوة مفاجئة وصادمة للمشهد السياسي الألماني، أعلن الكاتب والصحفي ميشيل فريدمان عن مغادرته الحزب المسيحي الديمقراطي (CDU) بعد تصويت مثير للجدل جمع حزبه السابق مع حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD)، المعروف بتوجهاته اليمينية المتطرفة، في قضية تشديد سياسة اللجوء.
خرق غير مسبوق للتابو السياسي
وصف فريدمان هذا التصويت بأنه “كسر للتابو السياسي” في ألمانيا، معتبرا أن الحزب المسيحي الديمقراطي تجاوز الخطوط الحمراء عندما سمح لحزب “البديل من أجل ألمانيا” بتحقيق أغلبية برلمانية من خلال التعاون معه. وفي بيان حاد اللهجة، قال فريدمان: “لأول مرة، سمحت إحدى الأحزاب الديمقراطية، في هذه الحالة حزبي السابق CDU، لحزب AfD بتحقيق أغلبية في البرلمان بالتحالف معها. وهذا الخرق للتابو لا يمكن تبريره.”
ردود فعل غاضبة من الأحزاب والمجتمع المدني
أثار هذا التصويت موجة من الرفض والاستياء في الأوساط السياسية والمجتمع المدني. فقد أدانت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل هذه الخطوة، معتبرة أنها تشكل سابقة خطيرة تهدد الأسس الديمقراطية التي قامت عليها البلاد منذ الحرب العالمية الثانية. كما أعربت الأحزاب الأخرى والكنائس الألمانية عن قلقها العميق، محذرة من أن إضفاء الشرعية على التعاون مع حزب يميني متطرف قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي في ألمانيا.
انعكاسات سياسية واسعة
يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه أوروبا صعودا لافتا لأحزاب اليمين المتطرف، مما يزيد المخاوف من أن تكرار مثل هذه التحالفات قد يمهد الطريق لمزيد من التغيرات في المشهد السياسي. ومن المتوقع أن تترك استقالة فريدمان تأثيرا كبيرا على الحزب المسيحي الديمقراطي، حيث قد تؤدي إلى خلافات داخلية حول مستقبل العلاقة مع حزب AfD، خاصة في ظل تصاعد الضغوط من القاعدة الحزبية والمجتمع المدني لإعادة التأكيد على القيم الديمقراطية للحزب.
إذا إلى أين يتجه المشهد السياسي في ألمانيا؟
ويبقى السؤال الأهم هو: هل يمثل هذا الحدث بداية تحول جذري في السياسة الألمانية، أم أنه مجرد أزمة عابرة سيتم احتواؤها؟ في ظل التحديات الاقتصادية والهجرة والتغيرات الجيوسياسية، إذ تبدو ألمانيا مقبلة على مرحلة حساسة ستحدد مسارها السياسي في السنوات القادمة.
فاطمة الزهراء الجلاد.