سياسة

وهبي: العدالة الانتقالية في المغرب تجربة رائدة نحو المصالحة والإصلاح

شهد المغرب تجربة فريدة في مجال العدالة الانتقالية، حيث شكلت محطة مفصلية لتعزيز المصالحة بين المجتمع المغربي وتاريخه، وترسيخ دولة القانون والمؤسسات. وفي هذا الإطار، أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن هذه التجربة ساهمت في تحقيق تحول نوعي في المسار الإصلاحي الوطني، وذلك خلال كلمته التي ألقتها نيابة عنه فاطمة بركان، الكاتبة العامة للمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، بمناسبة الذكرى الفضية لتأسيس “المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف”.
مسار العدالة الانتقالية وأثره على الإصلاح
تعتبر العدالة الانتقالية ركيزة أساسية في بناء مجتمع ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان، حيث مكنت المغرب من تجاوز مرحلة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ووضع أسس لضمان عدم تكرارها. وقد ساعدت هذه التجربة في تعزيز المكاسب الدستورية، وتوفير إطار قانوني ومؤسساتي يحمي الحقوق والحريات، كما رسخت نموذجا وطنيا يعتمد على المسؤولية والمحاسبة وسيادة القانون.
وفي سياق تثمين هذا الدور، لم تتوان المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان عن تعزيز شراكتها مع المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، حيث نظمت معه ندوة مشتركة عام 2022 بعنوان “منجز العدالة الانتقالية بالمغرب”، والتي خصصت لتقييم مدى تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. كما تم التعاون بين الطرفين على المستوى الدولي والوطني لتعزيز مشاركة المنتدى في الفعاليات الحقوقية، مما يعكس التزام الدولة بدعم المجتمع المدني في هذا المجال.
نقل التجربة المغربية إلى المحيط الإقليمي والدولي
أكد الوزير وهبي على أهمية تقاسم التجربة المغربية مع الدول العربية والإفريقية المجاورة، وإبراز دور المجتمع المدني المغربي في إنجاح هذه التجربة، باعتبارها نموذجا يحتذى به في العدالة الانتقالية. كما أشار إلى المبادرات الطموحة التي أطلقتها المندوبية الوزارية مؤخرا، مثل برنامج “نقلة” لتقوية القدرات في مجال حقوق الإنسان، والمنصة المؤسساتية للخبرة الوطنية، وجائزة التميز للبحث العلمي في حقوق الإنسان، وهي خطوات تعكس توجه المغرب نحو تعزيز المعرفة الحقوقية وترسيخ ثقافة الإنصاف والعدالة.
المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف: شريك أساسي في المسار الحقوقي
يعد المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف أحد أبرز الفاعلين في مسار العدالة الانتقالية، حيث لعب دورا محوريا في الدفاع عن حقوق الضحايا، وضمان عدم تكرار الانتهاكات، وتعزيز التشاور والتوافق في مختلف مراحل عمل هيئة الإنصاف والمصالحة. وقد ساهم المنتدى في متابعة تنفيذ توصيات الهيئة، وشارك بفعالية في المحطات الحقوقية الوطنية والدولية، مما جعله شريكا أساسيا للمندوبية الوزارية في هذا المسار.
وفي هذا السياق، احتفل المغرب العام الماضي بالذكرى العشرين لانطلاق العدالة الانتقالية، من خلال تنظيم المناظرة الدولية حول “العدالة الانتقالية” في دجنبر 2024، حيث تم التأكيد، عبر رسالة ملكية سامية، على الدور المحوري للمجتمع المدني في إنجاح هذه التجربة. فقد أتاح هذا المسار نقاشات عمومية وحوارات مجتمعية أسهمت في بلورة الإصلاحات الكبرى التي تحظى باهتمام الرأي العام الوطني.
مع استمرار الجهود في تعزيز المكتسبات الحقوقية، يبقى المغرب نموذجا يستلهم منه في المنطقة، حيث يشكل المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، وباقي الفاعلين في المجتمع المدني، قوة اقتراحية تسهم في تطوير السياسات الحقوقية الوطنية. وبينما تستمر المندوبية الوزارية في دعم هذه الدينامية، فإن مستقبل العدالة الانتقالية في المغرب يظل رهينا بالتزام كافة الأطراف بالحفاظ على المكتسبات وتطويرها، لضمان تحقيق عدالة شاملة ومستدامة.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close