مجتمع
Le7tv.ma Send an email منذ أسبوعين
الطيب حمضي: الإجراءات ضد مرض الحصبة ضرورية ولكنها لا تزال غير كافية

في الآونة الأخيرة، شهد المغرب ارتفاعا ملحوظا في عدد حالات الإصابة بمرض الحصبة، المعروف محليا باسم “بوحمرون”، مما أثار قلق السلطات الصحية والمواطنين على حد سواء. ويعد هذا المرض الفيروسي من أكثر الأمراض المعدية، حيث ينتقل بسرعة عبر الرذاذ المتطاير من المصابين، خاصة في البيئات المزدحمة.
في هذا الصدد يقول الدكتور الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، إن “بعد السفر والتنقلات بين مختلف جهات المغرب خلال العطلة المدرسية، يزداد خطر وباء الحصبة أو بوحمرون. ويشكل تفشي هذا الوباء خطرا على الحياة وعلى الصحة والحياة المدرسية والحياة الاجتماعية والاقتصادية والتحديات التي يواجها المغرب.”
وتابع الطيب حمضي حديثه، أن” بدون مناعة جماعية، لن يكون هناك عودة إلى الوضع الطبيعي السابق والآمن. حيث من الممكن أن تظهر أمراض طفولية أخرى، وبالتالي هذا سيشكل خطرا على صحة الأطفال،ولذلك فنحن اليوم بحاجة إلى إجراء تحقيقات لفهم التراخي في مراقبة أمراض الطفولة و مراقبة مستويات التطعيم وتوفير اللقاحات وتردد الأسر في تلقيح أطفالها.”
وحسب تصريح الطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية، من المؤكد أن استئناف الدراسة بعد العطلة المدرسية سيعمل على إحياء وباء الحصبة الذي يضرب المغرب. بعد حوالي عشرة أيام من المدارس الفارغة، سوف يتباطأ الوباء لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، قبل أن يستأنف نشاطه بسبب انخفاض مستوى المناعة الجماعية. لكن بسبب الاختلاط الاجتماعي الناتج عن السفر والرحلات والاجتماعات العائلية خلال العطلة المدرسية فإن المرض سيكتسب قوة. مما يجعل تلاميذ المدارس يساهمون في نقل المرض إلى أسرهم ومجموعات أخرى من السكان.
ويرى الطيب حمضي، أنه ما دام مستوى المناعة أقل من 95% ضد مرض الحصبة، فإن المرض سيستمر في الانتشار في شكل أوبئة. وسيتم تحقيق هذا المعدل من المناعة إما من خلال التطعيم وإنقاذ الأرواح، أو من خلال المرض، مع التضحية بالأرواح المفقودة والإعاقات مدى الحياة والحياة التعليمية والاجتماعية والاقتصادية المعطلة. وفي الحالة الأخيرة، سيظل المرض وبائيا بين الرضع والأطفال الذين سيولدون بعد.
ويؤكد الطبيب حمضي، على إن الإجراءات المتخذة على مستوى المدرسة مهمة وضرورية وجوهرية وحيوية، ولكنها لا تزال غير كافية. فالحصبة مرض شديد العدوى وخطير، ولكن لحسن الحظ يمكن الوقاية منه.
وأوضح الخبير أن هذا المرض قد يؤثر سلبا على جهود المغرب في مجال الصحة والتحديات الحالية والمستقبلية التي تواجهها البلاد ككل.
ولتنفيذ حملات تطعيم استدراكية لجميع التلاميذ والأطفال دون سن 18 عاما لتحقيق معدل مناعة سكانية ضد مرض الحصبة بنسبة 95%، حسب الطيب حمضي، يجب القيام بمايلي:
• الحفاظ على معدل التغطية على مدى الزمن: من خلال تعزيز تطعيم الأطفال وفقا لجدول التطعيم وليس الاعتماد فقط على حملات التطعيم الاستدراكية.
• استئناف التطعيم ضد أمراض الطفولة الأخرى واستدراك المتأخر منها. إن انخفاض معدلات التطعيم لا يتعلق فقط بالحصبة، بل إن الأمراض الأخرى في جدول التطعيم هي بالتأكيد أقل من معدلات الحماية، ومن هنا يأتي خطر ظهور أمراض أخرى مثل السعال الديكي والدفتيريا وشلل الأطفال وغيرها.
• رفع مستوى الوعي بين جميع البالغين المولودين بعد عام 1980 والذين لم يتم تطعيمهم بالكامل ولم يصابوا بالحصبة مطلقا للحصول على التطعيم، وخاصة بين الفئات المعرضة للخطر.
• إرساء التطعيم الإجباري ضد أمراض الطفولة القاتلة، والتي أثبتت اللقاحات الخاصة بها مستويات عالية جدا من الفعالية والسلامة.
وأوضح الطبيب، أن التحقيقات والمراجعات داخل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ضرورية لفهم ما حدث خلال السنوات القليلة الماضية: فتأثير جائحة كوفيد 19 من ناحية وتردد الآباء في تلقيح اطفالهم من ناحية أخرى، رغم أن هذا حقيقي، فإنه لا يفسر وحده كل هذا الانخفاض في مستويات التلقيح التي وصلناها.
وقد حذر الطيب حمضي، من أن التراخي في تقديم التطعيم من جانب المراكز والمصالح المعنية والعاملين في المجال الصحي، ونقص الموارد البشرية، والإضرابات المتكررة والتوقف عن العمل، وانعدام التحفيزات لدى المهنيين، كلها عوامل مسؤولة في انتشار وتفشي هذا الوباء.
وأضاف الخبير، إن أسباب تراخي المراقبة الوبائية لأمراض الطفولة، هو الوضع الذي سمح بظهور حالات الحصبة على نطاق واسع دون اكتشاف عودتها في الوقت المناسب.
وهنا يتسائل الطيب حمضي،عن كيف انخفضت معدلات التطعيم إلى هذا الحد دون وجود مراقبة لمعدلات التطعيم على المستويين الجهوي والوطني والتي من شانها تقديم التحذيرات الضرورية في الوقت المناسب للتعويض قبل تفشي الأوبئة. يقول حمضي، أن الأمر يحتاج إلى دراسة عاجلة لفهم الأسباب العميقة لتردد الأسر في تطعيم أطفالهم، وذلك من أجل تحسين التواصل ونقل المعلومات والتوعية وإنجاح حملات التلقيح الاستدراكية واستئناف التلقيح الناجح في بلد كان رائدا عالميا في مجال تلقيح الأطفال.
فاطمة الزهراء الجلاد.