مجتمع

الشرقاوي حبوب: المغرب يحصن أمنه بإحباط المخططات الإرهابية وتفكيك الخلايا المتطرفة

يواصل المغرب نهجه الحازم في التصدي للتهديدات الإرهابية، مستندا إلى مقاربة أمنية شاملة تجمع بين العمل الاستباقي والتنسيق الدولي. وفي هذا السياق، كشف المدير العام للمكتب المركزي للأبحاث القضائية، الشرقاوي حبوب، عن مجموعة من الأرقام التي تعكس حجم التحديات الأمنية التي تواجهها المملكة، خاصة مع تصاعد خطر التنظيمات المتطرفة واستغلالها للفضاء الرقمي لاستقطاب الأفراد وتحريضهم على تنفيذ عمليات إرهابية.
الفضاء الرقمي: بوابة التطرف وتهديد متزايد
منذ عام 2016، تمكنت الأجهزة الأمنية المغربية من توقيف أكثر من 600 متطرف كانوا ينشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث استخدموا هذه الفضاءات كأداة لنشر الأفكار المتطرفة والتخطيط لهجمات بأسلوب “الذئاب المنفردة”. ويؤكد هذا الرقم مدى الخطر الذي بات يشكله العالم الافتراضي، حيث أصبح وسيلة فعالة للتنظيمات الإرهابية لتجنيد عناصر جديدة وتدريبهم عن بعد، مما يعقد مهمة الأجهزة الأمنية في الكشف المبكر عن المخططات الإرهابية.
تحدي المقاتلين القاصرين المغاربة في بؤر التوتر
من بين الملفات الشائكة التي تواجهها الدولة المغربية، قضية القاصرين المغاربة الذين التحقوا بتنظيم داعش في مناطق النزاع مثل سوريا والعراق. ووفقا للمعطيات الرسمية، يوجد أكثر من 50 قاصرا مغربيا في مخيمات شمال شرق سوريا، حيث يعيشون في أوضاع إنسانية صعبة، وسط مخاوف من تحولهم إلى قنابل موقوتة يمكن استغلالها من قبل الجماعات الإرهابية في المستقبل.
وتطرح هذه القضية تحديات قانونية وإنسانية وأمنية على المغرب، فبينما تسعى السلطات إلى معالجة هذه الأزمة، يبقى التساؤل مطروحا حول كيفية إعادة تأهيل هؤلاء القاصرين ودمجهم في المجتمع، خاصة في ظل التجارب الدولية التي أظهرت أن بعض العائدين من بؤر التوتر قد يعودون بعقائد متشددة تهدد الأمن الداخلي.
المغرب والقاعدة في الساحل: معركة مفتوحة
لم تقتصر جهود المغرب على مكافحة الإرهاب داخليا، بل امتدت إلى مواجهة التهديدات القادمة من منطقة الساحل الإفريقي، حيث ينشط تنظيم القاعدة وفروعه. ووفقا للمكتب المركزي للأبحاث القضائية، فقد تمكنت السلطات المغربية من تفكيك أكثر من 40 خلية إرهابية لها ارتباطات مباشرة بهذه التنظيمات، ما يعكس انخراط المغرب الفاعل في محاربة الإرهاب على المستوى الإقليمي.
وتعد منطقة الساحل بؤرة توتر خطيرة، حيث تعاني من هشاشة أمنية تجعلها بيئة خصبة لتنامي الجماعات الإرهابية التي تستغل غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي لتوسيع نفوذها. وفي هذا الإطار، يعمل المغرب بالتعاون مع شركائه الدوليين لتعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي من أجل التصدي لهذه التهديدات العابرة للحدود.
المقاربة المغربية: بين الصرامة الأمنية وإعادة التأهيل
يعتمد المغرب استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، ترتكز على الضربات الاستباقية وتفكيك الخلايا الإرهابية قبل تنفيذ مخططاتها، إلى جانب تعزيز الجانب الوقائي عبر نشر خطاب ديني معتدل يعمل على تفكيك الأيديولوجيات المتطرفة. كما تولي المملكة أهمية خاصة لإعادة تأهيل المتورطين في قضايا التطرف، من خلال برامج المصالحة وإعادة الإدماج، التي تستهدف تصحيح المفاهيم الدينية المتشددة وتمكين المستفيدين منها من العودة إلى الحياة الطبيعية.
لا شك أن الجهود الأمنية المغربية في مكافحة الإرهاب أثبتت نجاعتها، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي يشهدها العالم بسبب تمدد التنظيمات الإرهابية عبر الفضاء الرقمي واستغلالها للأوضاع الهشة في مناطق النزاع. ومع ذلك، فإن الرهان الأكبر يظل في تحقيق توازن بين الأمن وحقوق الإنسان، وضمان مقاربة مستدامة تحصن المجتمع من خطر التطرف وتعزز قيم التسامح والاعتدال.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close