مجتمع
Le7tv.ma Send an email منذ أسبوع واحد
اليوم العالمي لمكافحة السرطان… معركة مستمرة لإنقاذ الأرواح

يحيي المجتمع الدولي في الرابع من فبراير من كل عام، اليوم العالمي لمكافحة السرطان، وهي مبادرة عالمية رائدة يقودها الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية. يهدف هذا اليوم إلى تعزيز الوعي العالمي بهذا المرض الذي يمثل تحديا صحيا كبيرا، وتشجيع الوقاية والكشف المبكر، وتوفير العلاج والرعاية المنقذة للحياة.
في حديث لرئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، علي لطفي، أكد على أن الإحصائيات الأخيرة تؤكد أن السرطان يعد أحد أبرز أسباب الوفاة على مستوى العالم. ويذكر أن التشخيص المبكر له يلعب دورا حاسما في تحسين نتائج العلاج وإنقاذ ملايين الأرواح، حيث يسهل اكتشاف العديد من أنواع السرطان في مراحلها الأولى، مثل سرطانات الثدي وعنق الرحم والقولون والمستقيم والبروستاتا والمثانة البولية والأورام اللمفاوية وسرطان البنكرياس والكلى والجلد الميلاني الخبيث، إضافة إلى سرطانات تجويف الفم والحلق والمعدة والكبد وبعض أنواع سرطانات الأطفال.
وقد اختار الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان شعارا موحدا للفترة 2025-2027، وهو: “متحدون من خلال التميز” «Unie by Unique» . يركز هذا الشعار على أهمية وضع الإنسان في صميم الرعاية الصحية، واستكشاف طرق مبتكرة للتعامل مع المريض باحترام خصوصيته واحتياجاته الفردية، فنهج الرعاية الذي يولي الأفراد الأولوية، ويجمع بين التعاطف والاهتمام الفردي، يحقق أفضل النتائج الصحية.. هذا النهج يركز على تحسين جودة حياة المرضى من خلال تقديم رعاية صحية مخصصة تعتمد على الاحتياجات الفريدة لكل فرد.
في سياق متصل، حذرت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية من أن التبغ والكحول والبدانة وتلوث الهواء، هي عوامل رئيسية تزيد من حالات الإصابة بالسرطان. كما أشارت إلى أن تلوث الهواء لا يزال يشكل خطرا بيئيا كبيرا.
وتوقعت الوكالة ارتفاع عدد الإصابات الجديدة بالسرطان إلى أكثر من 35 مليون حالة بحلول عام 2050، أي بزيادة قدرها 77% مقارنة بعام 2022 الذي شهد حوالي 20 مليون حالة. وتعتبر سرطانات الرئة والقولون والمستقيم والكبد والمعدة والثدي من بين السرطانات الأكثر تسببا في الوفيات على مستوى العالم. تشمل السرطانات المسؤولة عن أكبر عدد من الوفيات عالميا: سرطان الرئة (18.2% من إجمالي وفيات السرطان). وسرطان القولون والمستقيم (9.5%). وسرطان الكبد (8.4%). وسرطان المعدة (7.8%). وسرطان الثدي (6.9%).
وفي هذا الإطار، تشارك الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة في هذا الاحتفال، بهدف تسليط الضوء على الإنجازات والتحديات التي تواجهها المملكة المغربية في مجال مكافحة السرطان. كما تؤكد الشبكة على أن الحلول ممكنة ومتاحة، ويمكن للأفراد ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني المساهمة في توفير الدعم اللازم للعلاج والتوعية والوقاية من السرطان.
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تواصل تنفيذ الخطة الإستراتيجية للسرطان 2020-2029، والتي تهدف إلى تقليل معدلات الإصابة والوفاة بالسرطان، وتحسين جودة حياة المرضى وأسرهم، بما يتماشى مع الرؤية الاستراتيجية للمملكة 2030. ويعد السرطان ثاني أكثر الأسباب المؤدية للوفاة في المغرب، بنسبة 13.4%، بعد أمراض القلب والشرايين، حيث تسجل المملكة حوالي 40 ألف حالة جديدة سنويا، بمعدل 137.3 حالة لكل 100 ألف نسمة. يحتل سرطان الثدي المرتبة الأولى بين النساء بنسبة 36%، يليه سرطان عنق الرحم بنسبة 11%. أما لدى الذكور، فيأتي سرطان الرئة في المقدمة بنسبة 22%، يليه سرطان البروستاتا بنسبة 12.6%.
وقد شهدت جهود مكافحة السرطان في المغرب تطورا ملحوظا منذ عام 2005 بفضل الشراكة القوية بين مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية. تهدف هذه الشراكة إلى تعزيز الوقاية والكشف المبكر، وتحسين جودة الرعاية الصحية لمرضى السرطان في المغرب.
وتلعب مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان دورا محوريا في هذا المجال، حيث تعمل على توفير أفضل سبل العلاج وفقا للمعايير العالمية، وتخفيض الوفيات الناجمة عن السرطان، وذلك من خلال تشجيع الكشف المبكر وتثقيف المجتمع وتوعيته بأمراض السرطان وطرق الوقاية منها. كما تولي المؤسسة اهتماما خاصا بالدعم النفسي والاجتماعي للمرضى، وتعزيز البنية التحتية من خلال بناء وإعادة تأهيل المراكز المتخصصة، وشراء المعدات الحديثة. كما تتبنى نهجا متكاملا يجمع بين الوقاية والكشف المبكر والعلاج والرعاية التلطيفية.
وقد ساهمت المؤسسة في تكوين الكوادر الطبية والتمريضية المتخصصة لتوفير العلاج الفعال للسرطان، وفق البروتوكولات الدولية، وباستخدام أحدث التقنيات بما فيها الذكاء الاصطناعي والجراحة بالمنظار والعلاج الإشعاعي عالي الطاقة والعلاج الكيميائي وزراعة الأعضاء. كما دعمت المؤسسة البحث العلمي لتحسين استراتيجيات الوقاية والعلاج، ووسعت خبراتها إلى دول أفريقية أخرى. ومما ساهم في تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية. وقد تم إنشاء أقطاب امتياز لتقديم رعاية متخصصة وتجهيز المراكز بالمعدات المتطورة. كما استثمرت المؤسسة مبالغ كبيرة لتوفير الأدوية المضادة للسرطان، وضمان وصولها إلى جميع الفئات الاجتماعية. وتم إنشاء مراكز جهوية لعلاج السرطان في مختلف مناطق المملكة، بالإضافة إلى مراكز متخصصة في أورام النساء والأطفال. وحققت أرقاما قياسية من حيث الرعاية الصحية وعلاج حوالي 25 ألف مريض جديد سنويا العلاج أي ما يمثل 50 في المائة من مجموع مرضى السرطان بالمغرب وتوفير حوالي 200 مليون درهم سنويا لشراء الأدوية المضادة للسرطان.
فعلى مدى سنوات من العمل المتواصل قامت مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان باستثمارات ضخمة في القطاع العام، من خلال بناء وتجهيز مراكز جديدة، وإعادة تأهيل المراكز القائمة، بتعزيز البنية التحتية ببناء وتجهيز 6 مراكز جديدة وإعادة تأهيل 6 مراكز أخرى، وتركيب 18 مسرعا خطيا لتحسين الوصول إلى العلاج الإشعاعي و بناء 39 مركزا للكشف والتشخيص، وإعادة تأهيل 11 مركزا آخر، بالإضافة إلى شراء 10 وحدات متنقلة للتصوير الإشعاعي للوصول إلى المناطق الريفية مما يضمن الوصول إلى العلاجات الأساسية لجميع الفئات الاجتماعية للاستفادة من حملات الكشف المبكر، وتنفيذ برامج وقائية لمكافحة التدخين في المدارس والبيئات المهنية كالمعامل والإدارات والمؤسسات العمومية ، حيث تم استهداف 1.5 مليون تلميذ و500 ألف موظف، كما عملت على تطوير الرعاية التلطيفية، بإنشاء 7 وحدات للرعاية التلطيفية في المراكز الجهوية للأورام وتقديم الدعم الطبي والنفسي للمرضى في المراحل المتقدمة.
ونظرا لخبرته في الوقاية وعلاج السرطان قامت بتوسيع تجربتها إلى دول أفريقية أخرى، مما عزز التعاون القاري في مجال مكافحة السرطان.
وقد ساهمت المؤسسة في تكوين الآلاف من الكوادر الطبية وشبه الطبية في مجال مكافحة السرطان، وأطلقت برنامجا قويا للكشف المبكر عن سرطاني الثدي وعنق الرحم، وشراء وحدات متنقلة للتصوير الإشعاعي للوصول إلى المناطق الريفية، وإجراء فحوصات واسعة النطاق للنساء، مما ساهم في اكتشاف وعلاج الحالات في مراحل مبكرة. وعلى مستوى الوقاية، نفذت المؤسسة برامج مبتكرة للحد من عوامل الخطر كالتدخين.
كما أدرجت المؤسسة الرعاية التلطيفية في الرعاية الشاملة للسرطان، وأنشأت وحدات متخصصة لتقديم الدعم الطبي والنفسي للمرضى في المراحل المتقدمة. وقد أولت المؤسسة اهتماما خاصا بمعالجة الصعوبات التي تواجه مرضى السرطان، وقامت ببناء “بيوت الحياة” لتسهيل وصولهم إلى العلاج، وتوفير الرعاية المنزلية.
وتؤكد مؤسسة للا سلمى أن الحلول ممكنة ومتاحة لمكافحة السرطان، وأن تضافر جهود الأفراد والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني، يمكن أن يحقق نتائج إيجابية في الوقاية والعلاج وإنقاذ ملايين الأرواح. كما تؤكد على أهمية الكشف المبكر، واللقاحات، ومكافحة التدخين، والحد من استهلاك الكحول، وممارسة الرياضة، والحفاظ على وزن صحي، والحد من التعرض للأشعة فوق البنفسجية.
وتدعو المؤسسة إلى تبني أنماط حياة صحية، وتوعية الطلاب بعوامل خطر السرطان، وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول المرض، وتعزيز التعاون بين الحكومات والمنظمات لمكافحة السرطان. وتشدد على أهمية الفحص المنتظم للكشف المبكر، وتوفير خدمات الفحص بشكل ميسر، وتطوير بيئات تشجع على الصحة والرفاهية.
التحديات والحلول:
رغم الإنجازات الكبيرة، لا تزال هناك تحديات تتطلب تعاونا أكبر بين الأفراد، وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني.
وتشمل الحلول المقترحة: تعزيز الوعي المجتمعي عبر نشر ثقافة الكشف المبكر والوقاية من السرطان باعتبار وتحسين الوصول إلى العلاج ب ضمان توفير العلاج لجميع الفئات الاجتماعية، خاصة الفقراء وذوي الدخل المحدود.
وتعزيز البحث العلمي: دعم المشاريع البحثية لتحسين استراتيجيات الوقاية والعلاج.
التعاون الدولي: تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية لتبادل الخبرات والموارد، وإرساء أسس تعاون وتضامن مع الدول الافريقية.
توصيات للوقاية من السرطان:
1. التوقف عن التدخين: التدخين هو السبب الرئيسي القابل لتجنب للإصابة بالسرطان، خاصة سرطان الرئة والكبد.
2. تقليل استهلاك الكحول: يقلل من خطر الإصابة بسرطانات الفم والمريء والثدي.
3. الحفاظ على وزن صحي: التمارين الرياضية المنتظمة تقلل من خطر الإصابة بسرطانات القولون والكلى.
4. الحد من التعرض للمواد المسرطنة في أماكن العمل.
5. الحد من التعرض للأشعة فوق البنفسجية: يساعد في الوقاية من سرطان الجلد.
6. التطعيم: اللقاحات مثل لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) يمكن أن تقي من سرطانات عنق الرحم.
7. الكشف المبكر يزيد من فرص العلاج والبقاء على قيد الحياة. على سبيل المثال، يصل معدل البقاء لمدة خمس سنوات في حالات سرطان الثدي المكتشف مبكرًا إلى 99%، بينما ينخفض إلى 27% في الحالات المتأخرة.
إن اليوم العالمي لمكافحة السرطان هو فرصة للتذكير بأهمية تضافر الجهود لمواجهة هذا التحدي الصحي العالمي، والعمل معا من أجل مستقبل أكثر صحة وأمانا للجميع. و يذكرنا بأن الحلول ممكنة ومتاحة إذا توفرت الإرادة السياسية والاجتماعية. من خلال تعاون الأفراد، الحكومات، والمجتمع المدني، يمكننا تحقيق نتائج إيجابية في الوقاية من السرطان وعلاجه، وإنقاذ ملايين الأرواح.
يجب أن نستمر في تعزيز الجهود لتحقيق أهداف خفض الوفيات الناجمة عن السرطان بنسبة 25% بحلول عام 2025، وتحسين جودة حياة المرضى وعائلاتهم. وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لسنة 2030.
فاطمة الزهراء الجلاد.