سياسة

من تغريدة إلى حقيقة: كيف وصل الجولاني إلى دافوس ؟

قبل أربع سنوات، كتب الأكاديمي البريطاني ألكسندر كلاركسون تغريدة على منصة “تويتر” تنبأ فيها بأن أبو محمد الجولاني، زعيم “جبهة النصرة”، سيظهر في منتدى دافوس لمناقشة قضايا التطرف. في ذلك الوقت، مرت التغريدة مرور الكرام دون لفت الأنظار، لكنها اليوم تحمل معنى مختلفا تماما بعد مشاركة ممثل الجولاني في المنتدى إلى جانب شخصيات بارزة مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. فكيف يمكن لأكاديمي أن يتنبأ بهذه الدقة بمسار شخصية جدلية كهذه؟ وما خلفيات علاقته المحتملة بالجهات الغربية؟
من تنبؤ إلى حقيقة
في الأول من مارس 2021، نشر ألكسندر كلاركسون تغريدة أثارت اهتماما محدودا في حينها، لكنها تبدو اليوم كأنها قراءة في “فنجان” السياسة العالمية. كتب كلاركسون: “سيجلس [أبو محمد] الجولاني بعد بضع سنوات على منصات الحوار في دافوس لمناقشة كيفية مكافحة التطرف”. وبعد مرور أربع سنوات، تحقق هذا التوقع بدقة عندما شارك ممثل الجولاني، أسعد الشيباني، في منتدى دافوس بصفته “وزير خارجية”، في حوار جمعه بشخصيات دولية مثل توني بلير.
هذه التغريدة، التي بدت في وقتها غريبة أو حتى غير واقعية، تحمل بين طياتها الكثير من الأسئلة. كلاركسون ليس مجرد أكاديمي عادي؛ فهو أستاذ في كلية لندن وجامعة توبنغن الألمانية، ومتخصص في التاريخ الحديث لمنطقة الشرق الأوسط، خاصة تركيا وسوريا وإيران. كما أنه من الأكاديميين الذين يستدعيهم الجيش والمخابرات البريطانية لإلقاء محاضرات على ضباط مكلفين بمهام في مناطق الصراع.
علاقة كلاركسون بالجولاني
من المعروف أن الجولاني، زعيم “جبهة النصرة”، خضع لعملية إعادة تأهيل وتغيير صورته أمام العالم، خصوصا بعد إطلاق سراحه من “سجن بوكا” في العراق. وتشير التقارير إلى أن شخصيات أكاديمية وإعلامية غربية، من بينها كلاركسون، لعبت دورا في هذا التغيير. زار كلاركسون أنطاكيا في تركيا عدة مرات، حيث التقى الجولاني وعناصر من “الخوذ البيضاء”، وهي منظمة تمولها المخابرات البريطانية وتأسست على يد الضابط البريطاني جيمس لو ميسورييه، الذي لقي مصرعه في ظروف غامضة في إسطنبول عام 2019.
التلاعب بالصورة العالمية للجولاني
من الواضح أن هناك جهدا منسقا لإعادة تقديم الجولاني كشخصية معتدلة يمكنها المشاركة في النقاشات الدولية. هذا الجهد يتماشى مع مصالح بعض القوى الغربية التي تسعى لتوظيف الفصائل المسلحة في الشرق الأوسط لخدمة أجنداتها الإقليمية والدولية.
إن مشاركة ممثل الجولاني في منتدى دافوس ليست مجرد مصادفة، بل هي نتيجة لعملية طويلة من إعادة تأهيل هذه الشخصية لتلعب أدوارا سياسية جديدة. وبينما يثير هذا الحدث الكثير من التساؤلات حول دور الأكاديميين الغربيين في تشكيل ملامح السياسة الدولية، ويظل السؤال الأكبر: إلى أي مدى تتحكم القوى الكبرى في صناعة الأحداث وتوجيه مسارات الشخصيات الجدلية؟
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close