سياسة

إقالة وزيرة المالية التونسية.. خطوة مفاجئة تعكس ارتباك السلطة وتذكر بالنهج الجزائري

في خطوة غير متوقعة، أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الأربعاء، وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، وعيّن القاضية مشكاة سلامة الخالدي خلفًا لها. الإعلان جاء عبر بيان مقتضب للرئاسة التونسية، دون تقديم أي توضيحات حول أسباب القرار، في تكرار لنهج السلطات الجزائرية التي قامت قبل أيام قليلة بإقالة وزير المالية لعزيز فايد بنفس الأسلوب المبهم.

إقالة البوغديري تأتي في ظرف اقتصادي خانق تعيشه تونس، يتمثل في أزمة سيولة خانقة ونقص متزايد في المواد الأساسية مثل الحليب والسكر والطحين، إضافة إلى أزمة المحروقات التي ظهرت في ندرة أسطوانات الغاز. يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لامتصاص الغضب الشعبي في ظل إخفاق السياسات الاقتصادية، لكنها تثير تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على معالجة الأوضاع بدل الاكتفاء بتغييرات شكلية في المناصب.

ما يثير الانتباه هو التزامن اللافت بين هذه الخطوة وما جرى في الجزائر، حيث أقال الرئيس عبد المجيد تبون، يوم الأحد، وزير المالية لعزيز فايد دون أي تفسير رسمي، ليعين عبد الكريم بو الزرد خلفًا له. هذه الإقالات المفاجئة في كلا البلدين توحي بسياسة ارتجالية تعكس غياب رؤية اقتصادية واضحة، حيث يتم تحميل الوزراء المسؤولية بدل معالجة جذور الأزمات

تعيين مشكاة سلامة الخالدي، وهي قاضية من الرتبة الثالثة، لقيادة وزارة المالية يثير تساؤلات حول معايير الاختيار، خاصة أنها لم تشغل مناصب اقتصادية سابقة. الملف الأبرز الذي كانت تديره هو رئاسة لجنة الصلح الجزائي، المكلفة باسترجاع الأموال المنهوبة من رجال الأعمال المتهمين بالفساد. لكن التحدي الحالي في تونس يتجاوز استرجاع الأموال إلى إنقاذ الاقتصاد المنهار، فهل تكون القاضية الخيار الأنسب لإدارة هذه المرحلة الحرجة؟

تُظهر هذه الإقالات المتكررة في تونس والجزائر أن القرارات ليست نابعة فقط من تقييمات اقتصادية، بل تحمل رسائل سياسية، قد تكون موجهة للخارج بقدر ما هي موجهة للداخل. ففي ظل ضغوط صندوق النقد الدولي، قد تكون هذه التغييرات محاولة لطمأنة الدوائر المالية الدولية بأن هناك تحركات لمعالجة الوضع، حتى لو كانت شكلية أكثر منها جوهرية.

في النهاية، تبقى الأسئلة مفتوحة: هل هذه التغييرات ستساهم في حل الأزمات أم أنها مجرد مسكنات سياسية؟ وهل تونس تتجه نحو إصلاحات حقيقية، أم أن البلاد ستظل تدور في دائرة الإقالات والقرارات الفوقية؟

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close