مجتمع
Le7tv.ma Send an email 06/02/2025
جدل حول قانون الإضراب في المغرب: توازن بين الحقوق أم تقويض للحريات ؟

أثار مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتنظيم ممارسة حق الإضراب في المغرب جدلا واسعا بين مؤيد ومعارض. بعد أن صادقت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب عليه، في خطوة اعتبرها البعض ضرورية لضبط هذا الحق الدستوري، رآها آخرون تحديا لحرية التعبير وحقوق العمال. بينما يهدف القانون إلى تحقيق توازن بين حقوق العمال ومصالح أصحاب العمل، يظل السؤال قائما: هل يمكن تحقيق هذا التوازن أم أن القانون سيشكل تقويضا لحرية الإضراب في المغرب؟
ضمن أحد الجوانب البارزة في مشروع القانون هو توسع نطاق المستفيدين من حق الإضراب، حيث شمل فئات جديدة مثل العمال المنزليين والمستقلين، إضافة إلى السماح بالإضراب التضامني والسياسي. هذا التوسع جاء استجابة لمطالب النقابات التي طالما دعت إلى ضرورة منح العمال حقوقهم في الدفاع عن مصالحهم غير المباشرة. كما أن تعديلات أخرى، مثل ضمانات قانونية لحماية المضربين من الطرد أو النقل التعسفي، تعزز من حماية حقوق العمال.
لكن، رغم هذه الإيجابيات، يبقى السؤال المهم حول الأثر المحتمل لهذه التعديلات على قدرة النقابات على ممارسة الضغط. فالبعض يرى أن القانون يتضمن ضوابط قد تفرغ الحق في الإضراب من محتواه، خاصة في ما يتعلق بتحديد دور السلطات العمومية في التدخل في حالة الأزمات الوطنية. كما أن فرض غرامات مالية على المشغلين الذين يعطلون ممارسة هذا الحق قد يعتبر حلا لتوفير حماية قانونية، لكنه في الوقت نفسه قد يستخدم كأداة للضغط على العمال بشكل غير مباشر.
بالنظر إلى النقاشات التي رافقت صياغة هذا القانون، يظهر جليا أن هناك تباينا بين الحكومة والأغلبية من جهة، وبين المعارضة والنقابات من جهة أخرى. حيث اعتبر فريق الأغلبية أن المشروع يشكل خطوة إيجابية لضمان توازن بين حقوق العمال واستقرار سوق الشغل، مشيدين بمشاركة الحكومة في الحوار التشاوري حوله. في المقابل، فإن النقابات وبعض الأحزاب المعارضة ترى أن المشروع يقيد الحقوق الأساسية للعمال، ويقلل من فعالية الإضراب كأداة للتعبير عن المطالب.
إن هذه المواقف المتباينة تعكس صراعا مستمرا بين من يرون أن تنظيم الإضراب يجب أن يظل في إطار يحترم استقرار العمل والإنتاج، وبين من يرون أن تقليص هذا الحق هو تراجع عن المكتسبات التي حققها العمال في مجال حقوقهم الدستورية.
فمن جهة، يسعى القانون إلى ضمان حقوق العمال في الدفاع عن مصالحهم، بما في ذلك مصالحهم غير المباشرة. ومن جهة أخرى، يعكس الخوف من تأثيراته السلبية على مرونة السوق وعلاقته بالاستثمار والنمو الاقتصادي.
وفي ظل هذه النقاشات، يطرح السؤال: هل يحقق مشروع قانون الإضراب التوازن الفعلي بين حقوق العمال ومتطلبات استقرار سوق الشغل؟
الجواب على هذا السؤال قد يكون معلقا في التطبيق الفعلي للقانون، حيث ستظهر التحديات التي قد تواجهه في التوازن بين ضمان حقوق الإضراب وبين حماية مصالح العمل والإنتاج. في النهاية، قد تكون الأشهر القادمة كفيلة بإظهار كيفية تعامل الحكومة مع هذه التحديات، وما إذا كان القانون سيتحول إلى أداة للحماية أو إلى أداة لتقويض الحريات الأساسية.
فاطمة الزهراء الجلاد.