مجتمع
Le7tv.ma Send an email 06/02/2025
الصناعة التقليدية في المغرب: نحو آفاق جديدة بمناسبة احتضان كأس إفريقيا والعالم

في خطوة تهدف إلى تعزيز حضور الصناعة التقليدية المغربية على الساحة الدولية، أعلن لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، عن إطلاق برامج ترويجية كبرى بالتزامن مع احتضان المغرب لكأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030. جاء هذا الإعلان خلال عرض قدمه أمام لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، حيث شدد على ضرورة استغلال هذين الحدثين العالميين لإبراز غنى التراث المغربي وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.
الصناعة التقليدية: قطاع استراتيجي في قلب الحدث
أكد السعدي أن الصناعة التقليدية ليست مجرد نشاط اقتصادي، بل تمثل جزءا أساسيا من الهوية المغربية، إذ تعكس الحرف اليدوية المتنوعة براعة وإبداع الصناع المغاربة. وأوضح أن استضافة البطولات الرياضية الكبرى توفر فرصة غير مسبوقة لجذب الاستثمارات وتوسيع الأسواق، مما سيساهم في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة.
وأوضح المسؤول الحكومي أن من بين الخطوات المزمع تنفيذها، إنشاء فضاءات عرض وبيع مخصصة للصناعة التقليدية في المدن المستضيفة، مع إقامة ورش حية تتيح للزوار مشاهدة الحرفيين أثناء العمل. كما سيتم تخصيص أكشاك متنقلة ومتاجر للهدايا في الملاعب ومناطق المشجعين، بهدف تسويق المنتجات التقليدية المغربية على نطاق أوسع.
نقل الأنشطة الحرفية وتحسين بيئة العمل
من بين الإجراءات المهمة التي أعلن عنها، تخصيص مناطق محددة للأنشطة الحرفية، خاصة تلك التي قد تؤثر على البيئة الحضرية، من خلال نقلها من الأحياء السكنية والمدن العتيقة إلى فضاءات مجهزة حديثا. ويهدف هذا التوجه إلى تحسين ظروف العمل للحرفيين، وحماية المعالم التاريخية من التلوث البصري والبيئي.
أداء قوي للصادرات واستمرار دعم الصناع التقليديين
كشف السعدي عن تسجيل أداء إيجابي لصادرات الصناعة التقليدية خلال عام 2024، حيث تجاوزت 1.11 مليار درهم، بمعدل نمو بلغ 3%. وأشار إلى أن الفخار لا يزال يحتل المرتبة الأولى من حيث التصدير، يليه الزرابي والملابس التقليدية. كما أكد أن الجهود الحالية تتركز على تعزيز تنظيم القطاع وتحسين مبيعاته محليا ودوليا، عبر برامج هيكلة وتأهيل الصناع التقليديين وإدراجهم ضمن السجل الوطني، إضافة إلى تعميم التغطية الصحية والاجتماعية.
وفي هذا السياق، كشف السعدي عن استراتيجية متكاملة لدعم الحرفيين، تشمل تحسين جودة المواد الأولية، وحماية المنتجات المغربية، وتعزيز التصديق على المنتوجات التقليدية تحت علامة “تراث المغرب”، إلى جانب تطوير البنيات التحتية الخاصة بالإنتاج والتسويق، وتحسين جودة التكوين المهني، ودمج التقنيات الحديثة مثل التسويق الإلكتروني والتصميم المبتكر.
استثمار في التكوين والتشغيل
على صعيد التكوين المهني، تم وضع خطة طموحة لرفع عدد المستفيدين من برامج التدرج المهني إلى 34 ألف متدرب بحلول عام 2025، مقارنة بـ19 ألفا في السنوات الماضية. كما سيتم إدراج تخصصات جديدة لمواكبة احتياجات السوق، مع العمل على ربط الخريجين بفرص عمل حقيقية، ما يضمن استمرارية الحرف التقليدية وتحديثها وفق المعايير العصرية.
الاقتصاد الاجتماعي والتضامني: محرك للتنمية المستدامة
لم يقتصر حديث كاتب الدولة على الصناعة التقليدية، بل تطرق أيضا إلى أهمية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني باعتباره رافعة أساسية لخلق فرص العمل، خاصة لفئات الشباب والنساء وسكان المناطق القروية. وأبرز أن الوزارة تركز على ثلاثة محاور رئيسية: تنويع المجالات المستهدفة، هيكلة الفاعلين ومواكبتهم، وتعزيز الاقتصاد الاجتماعي من خلال إدماج فاعلين جدد.
وفي هذا الصدد، استعرض السعدي أبرز البرامج التي تدعم هذا القطاع، ومن بينها برنامج “مؤازرة” الذي مكن من تمويل 577 مشروعا، مما أدى إلى خلق أكثر من 11 ألف فرصة عمل مباشرة، إضافة إلى برنامج “تحفيز نسوة” الذي يهدف إلى دعم ريادة الأعمال النسائية من خلال إنشاء 400 مشروع تعاوني لصالح النساء.
تعد هذه الخطوات جزءا من رؤية أشمل لتطوير الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وضمان استدامتهما في ظل التحديات الاقتصادية العالمية. ومع اقتراب موعد احتضان المغرب لكأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، تبدو الفرصة مواتية أكثر من أي وقت مضى لجعل الصناعة التقليدية المغربية عنصرا أساسيا في المشهد الاقتصادي والسياحي العالمي، وإبراز المغرب كوجهة ثقافية غنية بتراثها وحرفها العريقة.
فاطمة الزهراء الجلاد.