في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، أصبح تفعيل آليات المشاركة الرقمية ضرورة ملحة لتعزيز الالتزام المواطن والمساهمة الفعالة في تدبير الشأن العام. هذا ما أكد عليه المشاركون في ندوة وطنية نظمت بالرباط، حيث سلطت الضوء على أهمية الاستفادة من التكنولوجيا لتوسيع فضاءات المشاركة وتعزيز الشفافية ومحاربة الفساد.
خلصت أشغال هذه الندوة، التي نظمتها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى ضرورة تعزيز دور الأدوات الرقمية، مثل العرائض الإلكترونية، وتسهيل ولوج المواطنين إليها. كما شدد المتدخلون على أهمية تقوية المبادرات المحلية وإعطاء بعد ترابي للمشاركة، بما يجعل المواطن أكثر انخراطا في القرارات التي تهم محيطه المباشر.
دور الإعلام في تعزيز الوعي والمشاركة
لا يمكن الحديث عن مشاركة مواطنة فاعلة دون دور محوري لوسائل الإعلام. فقد أوصى المشاركون بضرورة إشراك الإعلام في نشر الوعي حول أهمية الانخراط في الشأن العام، وتعزيز التنافس السياسي النزيه لضمان مؤسسات تمثيلية قوية. كما أشاروا إلى ضرورة إدراج مكافحة الفساد ضمن السياسات العامة بشكل شامل ومستدام، ما يسهم في بناء ثقة المواطنين في المؤسسات.
من بين المحاور التي تم التطرق إليها، مسألة تعزيز العمل التطوعي ودعم الديمقراطية التشاركية من خلال إشراك المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني في صنع القرار. كما شدد الخبراء على أهمية التربية على المواطنة كعامل أساسي في بناء وعي مجتمعي يدعم قيم النزاهة والشفافية، وذلك عبر إطلاق برامج تحسيسية وتعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم.
في سياق تعزيز المشاركة المواطنية، دعا المشاركون إلى تطوير التعاون بين المؤسسات الدستورية والمجتمع المدني والإعلام، لنشر قيم النزاهة وتعزيز الحوار بين المواطنين وصناع القرار. كما تمت الإشارة إلى أهمية تطوير مؤشرات دقيقة، مثل “باروميتر الثقة”، لرصد مستوى ثقة المواطنين في المؤسسات.
في ختام الندوة، أوصى المشاركون بإحداث مرصد دوري لتقييم المشاركة المدنية، وتعزيز حرية التعبير وتداول المعلومات عبر المنصات الرقمية في إطار التشريعات المرتقبة، خاصة مشروع القانون الجنائي. كما شددوا على أهمية دعم اللقاءات الجهوية كوسيلة لتعزيز الديمقراطية التشاركية وتفعيل آليات التواصل المباشر بين المواطنين والمسؤولين.
وتأتي هذه الندوة في سياق الجهود الرامية إلى تعزيز الالتزام المواطن، باعتباره ركيزة أساسية في بناء مجتمع أكثر شفافية ومشاركة. وقد شكلت فرصة لاستعراض الممارسات الفضلى التي يمكن أن تسهم في رفع وتيرة المشاركة الفعالة، بما ينعكس إيجابيا على تدبير الشأن العام وتحقيق التنمية المستدامة.
فاطمة الزهراء الجلاد.
