سياسة
بوعياش: إصلاح المناهج وتجديد الخطاب الديني ضرورة لمواكبة العصر وتعزيز القيم الإنسانية

في سياق التحولات السريعة التي يشهدها العالم، يصبح تطوير المناهج التعليمية وتجديد الخطاب الديني أمرا ملحا وليس مجرد ترف فكري. هذا ما أكدت عليه آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال ندوة تواصلية نظمها المجلس العلمي الأعلى حول مشروع “العلماء في خطة تسديد التبليغ”.
إشكالية المناهج التعليمية وأثرها على الفهم الديني
أوضحت بوعياش أن المناهج التعليمية الحالية تركز بشكل أساسي على الجوانب الفقهية للعبادات، من حيث الشروط والأركان وكيفية الأداء، بينما تهمل الأبعاد الأخلاقية والسلوكية التي تشكل جوهر هذه العبادات. هذا النهج التلقيني، بحسب بوعياش، يضعف قدرة الأفراد على استيعاب البعد الروحي للدين، إذ يتم التعامل معهم كمجرد متلقين دون تحفيزهم على التفكير النقدي أو تعميق فهمهم لمقاصد الإسلام.
وأشارت إلى أن هذا الفجوة بين العبادات والمعاملات تؤدي إلى رؤية ضيقة للدين، لا تأخذ بعين الاعتبار التطورات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي يعيشها الإنسان. فالإنسان كائن متغير، ويتأثر بالتحولات المحيطة به، مما يستوجب تطوير الخطاب الديني ليكون أكثر قدرة على تقديم إجابات عملية لقضايا الحياة اليومية.
التكامل بين القيم الإسلامية ومنظومة حقوق الإنسان
شددت بوعياش على أن مقاصد الإسلام، باعتباره رسالة كونية، تتلاقى مع القيم المؤسسة لمنظومة حقوق الإنسان، وهو تقاطع ينبغي تعزيزه من خلال الاجتهاد. فالاجتهاد ليس مجرد عملية فكرية، بل هو جهد مجتمعي يهدف إلى ترجمة هذه القيم إلى سلوك يومي يتماشى مع متطلبات العصر.
وأكدت أن التفكير في سبل وآليات التنمية في المغرب لا يمكن أن يقتصر على الأبعاد الاقتصادية فقط، بل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الجوانب الثقافية والاجتماعية التي تحدد القيم المحفزة للتنمية.
أربع قيم أساسية لتحقيق التنمية المستدامة
واختتمت بوعياش حديثها بالإشارة إلى أربع قيم أساسية ينبغي أن تشكل أرضية عمل مشترك بين جميع الفاعلين في مجال التنمية:
1. الحرية: كركيزة أساسية لتحقيق التنمية، تتطلب فهما عميقا للتحولات والتحديات المتعددة الأبعاد.
2. المساواة: باعتبارها عنصرا جوهريا لنجاح أي مشروع تنموي، حيث تضمن تكافؤ الفرص بين جميع الأفراد.
3. العدالة: التي تستوجب سياسات تضمن إدماج الفئات الأكثر هشاشة، مع ضمان الوصول العادل إلى الخدمات الأساسية.
4. التضامن: بوصفه قيمة إنسانية تعزز الوعي بوحدة المصير المشترك، وتدفع نحو التعاون والتآزر لمواجهة التحديات.
إن تجديد الخطاب الديني وإصلاح المناهج التعليمية ليس خيارا، بل ضرورة تفرضها متغيرات العصر. فالانتقال من نهج تلقيني إلى نهج تفاعلي يعزز التفكير النقدي، يمكن أن يسهم في بناء مجتمع أكثر وعيا وانسجاما مع مبادئ حقوق الإنسان، مما يخلق أرضية صلبة لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة.
فاطمة الزهراء الجلاد.