دوليسياسة
Le7tv.ma Send an email 10/02/2025
واشنطن تحت قبضة ترامب وماسك: إعادة تشكيل الحكومة أم فوضى سياسية ؟

في تطور لافت للأحداث السياسية في الولايات المتحدة، عاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى واجهة الجدل من خلال طرح مقترحات مثيرة للجدل حول قطاع غزة، وهي خطوة يرى مراقبون أنها ليست إلا محاولة لصرف الانتباه عن التحولات العميقة التي تشهدها واشنطن.
تشتيت الأنظار: استراتيجية ترامب الإعلامية
أوضح الكاتب الإسرائيلي أورييل داسكال في مقال له بموقع “واللاه” العبري أن إعلان ترامب عن خطته بشأن قطاع غزة كان جزءا من استراتيجيته لتشتيت الانتباه عن القضايا الأكثر أهمية التي تتعلق بتغييرات جذرية تحدث داخل الحكومة الأمريكية. وأشار داسكال إلى أن ترامب عمد إلى طرح مقترحات غير واقعية، مثل الاستيلاء على غزة أو نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى، بهدف إغراق وسائل الإعلام بالأخبار المثيرة، مما يحول الأنظار بعيدا عن تحركات أخرى في واشنطن.
هذه الاستراتيجية الإعلامية تمثل جزءا من خطة أوسع وصفها مستشار ترامب السابق، ستيف بانون، بأنها “إطلاق النار بأسرع معدل”، وهي تكتيك يعتمد على إثارة الجدل والتشويش في الإعلام، حتى يفقد الجمهور التركيز على القضايا الحقيقية.
تفكيك الحكومة: صعود دور إيلون ماسك
في غضون ذلك، شهدت واشنطن تحركات غير مسبوقة يقودها رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك، الذي يقال إنه استحوذ على أنظمة البيانات المالية الأمريكية، وقام بإلغاء بروتوكولات أمنية حساسة، وأشرف على إقالة مسؤولين بارزين، بل وأغلق وكالة حكومية كاملة تقدر ميزانيتها بـ 0.25% من ثروته الشخصية. هذه التغييرات السريعة أثارت قلق ست وكالات حكومية لجأت إلى القضاء، مما دفع المحاكم إلى إصدار مذكرات توقيف بحق ماسك وترامب، دون أن يمنع ذلك الأخير من مواصلة مخططاته الطموحة.
هجوم على الأجهزة الأمنية
إحدى أخطر الخطوات التي جرى الكشف عنها مؤخرا هي استهداف وكالات الاستخبارات الأمريكية. فقد أرسلت إدارة ترامب رسائل إلى موظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) ووكالة المخابرات المركزية (CIA) تعرض عليهم تعويضات مقابل الاستقالة، في خطوة تفسر على أنها محاولة لإضعاف المؤسسات الأمنية. الأخطر من ذلك أن ترامب يطالب الآن بكشف هويات العملاء الفيدراليين الذين شاركوا في التحقيقات الخاصة باقتحام الكونغرس في 6 يناير 2021، مما يعرضهم وعائلاتهم للخطر المباشر.
من يحكم واشنطن؟
تتقاطع هذه التحركات مع تقارير نشرتها نيويورك تايمز تفيد بأن ماسك يتمتع باستقلالية غير مسبوقة داخل الإدارة الأمريكية، إلى درجة أن البعض يصفه بأنه “الرئيس الفعلي”، بينما يوفر له ترامب الغطاء السياسي اللازم. هذه العلاقة المتشابكة تثير تساؤلات خطيرة حول مستقبل الحكم في الولايات المتحدة، خاصة في ظل اتجاه البلاد نحو نموذج جديد يبدو أن الشركات الكبرى فيه أصبحت تلعب دورا محوريا في توجيه السياسات الحكومية.
العالم على أعتاب فوضى جديدة؟
لا يقتصر تأثير هذه التحولات على الداخل الأمريكي فحسب، بل يمتد ليشمل النظام العالمي بأسره، بما في ذلك إسرائيل، التي تتابع بقلق ما يجري في واشنطن. فمع تسارع تفكيك مؤسسات الدولة لصالح نخبة من الأثرياء الطامحين إلى توسيع نفوذهم، يبدو أن العالم مقبل على مرحلة جديدة من الفوضى السياسية، حيث لم يعد الحكم بيد الحكومات المنتخبة، بل بيد الشركات الكبرى وأصحاب رؤوس الأموال.
فاطمة الزهراء الجلاد.