سياسة
Le7tv.ma Send an email 10/02/2025
آيت الطالب: التنمية الحقيقية لا تتحقق إلا من خلال بناء أفراد أصحاء قادرين على المساهمة بفعالية في المجتمع

في لقاء تواصلي نظمه المجلس العلمي الأعلى يوم الأحد بمقره في الرباط، ألقى وزير الصحة والحماية الاجتماعية السابق، خالد آيت الطالب، كلمة تناولت دور الوازع الديني في تعزيز التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن الصحة تعد من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية البشرية والاجتماعية.
وأكد آيت الطالب في كلمته أن الصحة هي نعمة عظيمة وهبة من الله تعالى، حيث يشمل حفظها المقاصد الشرعية التي أمر الإسلام بالحفاظ عليها، إلى جانب الدين والعقل والمال والعرض. وأضاف أن الحفاظ على الصحة ليس مجرد ضرورة فردية، بل هو مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود من خلال سياسات صحية فعالة، بالإضافة إلى توجيه ديني يعزز السلوكيات الصحية السليمة.
وتابع أن الإسلام قدم منهجا متكاملا للوقاية الصحية، من خلال الدعوة للطهارة والنظافة، الاعتدال في الأكل والشرب، والابتعاد عن المحرمات كالمخدرات والخمر. كما شدد على أن العبادات مثل الصوم والصلاة تساهم في تحقيق التوازن الصحي والنفسي. واستشهد بحديث النبي ﷺ: “تداووا عباد الله، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء”، ليوضح أن الإسلام لا يدعو فقط إلى العلاج، بل يشجع على الوقاية باتخاذ التدابير الصحية لضمان سلامة الأفراد والمجتمعات.
وفي إطار الحديث عن التنمية المستدامة، أكد آيت الطالب أن التنمية الحقيقية لا تتحقق إلا من خلال بناء أفراد أصحاء قادرين على المساهمة بفعالية في المجتمع. وأوضح أن الصحة لا تقتصر على غياب المرض فحسب، بل هي حالة من السلامة الجسدية والنفسية والاجتماعية، وهو ما يتماشى تماما مع مقاصد الشريعة الإسلامية التي تضع الحفاظ على النفس والجسد كأولوية.
كما استعرض آيت الطالب نتائج الدراسات العلمية التي أثبتت أن الوقاية الصحية تساهم بشكل كبير في تقليل نسب الإصابة بالأمراض المزمنة والمعدية. كما أشار إلى أهمية الكشف المبكر عن الأمراض مثل السرطان، الذي يمكن أن يقلل من معدلات الوفيات بنسبة تصل إلى 30%، مؤكدا أن الإقلاع عن التدخين يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب إلى النصف خلال عامين.
وفيما يتعلق بالصحة النفسية، أشار آيت الطالب إلى أن الإيمان القوي والتوجيهات الدينية تلعب دورا كبيرا في تقليل القلق والاكتئاب، وتعزيز الشعور بالطمأنينة. وأكد أن القرآن الكريم قدم حلولا شاملة لتعزيز الصحة النفسية من خلال التوجيهات الروحية التي تساعد الفرد على مواجهة التحديات بوعي وإيجابية، مستشهدا بالآية الكريمة: “ألا بذكر الله تطمئن القلوب”.
أما في سياق التكافل الاجتماعي، فقد أكد آيت الطالب أن الإسلام جعل من التضامن مبدأ أساسيا لضمان الرعاية الصحية للجميع، بغض النظر عن وضعهم الاقتصادي. وأشاد بمشروع الحماية الاجتماعية الذي أطلقه الملك محمد السادس، والذي يهدف إلى تعميم التغطية الصحية وتعزيز العدالة الاجتماعية.
كما أشار إلى أن منظمة الصحة العالمية أظهرت أن تعميم التغطية الصحية الأساسية يمكن أن يقلل من الإنفاق المباشر على الصحة بنسبة تتراوح بين 20% و40%، ما يسهم في تحسين المؤشرات الصحية وتقليل الوفيات. وأوضح أن الاستثمار في الوقاية والتوعية الصحية يعد ضرورة اقتصادية، حيث أظهرت الدراسات أن كل دولار ينفق على الصحة العامة يوفر أضعافه من النفقات العلاجية المستقبلية.
وشدد آيت الطالب في ختام حديثه على أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب رؤية شاملة تشمل الصحة كعنصر محوري في استقرار المجتمعات وتقدمها. كما دعا إلى تبني الوقاية كأسلوب حياة، وتعزيز التكافل الاجتماعي لضمان استدامة الإصلاحات الصحية، مؤكدا أن الإسلام يعنى بصحة الإنسان ويدعو إلى اتباع نهج متوازن في الحياة قائم على الوقاية، الاعتدال، والمسؤولية تجاه الجسد والمجتمع.
فاطمة الزهراء الجلاد.