دوليسياسة
Le7tv.ma Send an email 10/02/2025
أحمد بهجة: أزمة تشكيل الحكومات في لبنان باتت مشكلة مزمنة تتكرر مع كل استحقاق

في مقال له بعنوان “كيف نحل جذريا أزمة تشكيل الحكومة”، أوضح الباحث في الاقتصاد السياسي أحمد بهجة أن أزمة تشكيل الحكومات في لبنان باتت مشكلة مزمنة تتكرر مع كل استحقاق، حيث تدخل البلاد في دوامة من المفاوضات والتجاذبات السياسية التي تعرقل ولادة الحكومة لأشهر وربما سنوات. وأكد أنه رغم تعدد الأسباب والمبررات التي تطرح في كل مرة، يبقى جوهر الأزمة واحدا، ما يستدعي البحث عن حل جذري يضع حدا لهذا المسلسل المتكرر، الذي يدفع ثمنه المواطنون والاقتصاد الوطني.
من التقاليد الدستورية إلى التعقيدات السياسية
أشار بهجة إلى أنه قبل اتفاق الطائف عام 1989، كان رئيس الجمهورية يملك صلاحية تعيين الوزراء واختيار رئيس الحكومة، مستندا إلى استشارات نيابية غير ملزمة. ورغم ذلك، كانت الحكومات تتشكل بسرعة نسبيا، حيث لم يكن الرئيس المكلف يواجه عراقيل كبيرة في عملية التأليف.
لكن مع إقرار اتفاق الطائف عام 1991، أضاف الباحث أن المشهد السياسي تغير جذريا، إذ أصبح تكليف رئيس الحكومة إلزاميا بناء على استشارات نيابية يجريها رئيس الجمهورية، فيما انتقلت معظم صلاحيات السلطة التنفيذية إلى مجلس الوزراء مجتمعا. ومنذ ذلك الحين، بدأت الصعوبات تتفاقم، حيث أصبح تشكيل الحكومة محكوما بموازين القوى النيابية والطائفية، ما جعل كل استحقاق حكومي ساحة للتجاذب السياسي والطائفي، وأحيانا للتعطيل المتعمد.
الطائفية عائق أمام التقدم
أكد بهجة أن المعضلة الكبرى في تشكيل الحكومات اللبنانية تكمن في ضرورة تمثيل مختلف الطوائف والمذاهب لضمان “الميثاقية”، إذ يعتبر أي مكون نفسه مغيبا إذا لم يمنح الحصة التي يرى أنها “حق مكتسب” له. وهذا الأمر يؤدي إلى تعقيدات لا تنتهي، حيث يبرز الفيتو المتبادل بين القوى السياسية، ويتحول التأليف إلى معركة مفتوحة بين مطالب الكتل النيابية وطموحات القوى الإقليمية المؤثرة.
وأشار إلى أن اتفاق الطائف نفسه حمل في طياته حلا لهذه المعضلة، من خلال المادتين 95 و22 من الدستور، اللتين نصتا على إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية، وإنشاء مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف، بالتوازي مع انتخاب مجلس نواب خارج القيد الطائفي، ما يسمح بترسيخ نظام ديمقراطي يعتمد على البرامج السياسية بدلا من المحاصصة الطائفية.
هل حان وقت الحل الجذري؟
أوضح بهجة أنه رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على إقرار الدستور، لا تزال الإصلاحات الجوهرية المؤدية إلى إلغاء الطائفية السياسية حبرا على ورق، في وقت يزداد فيه الانقسام السياسي والتأزم الاقتصادي. وتساءل: إلى متى سيبقى شعار “الالتزام باتفاق الطائف” مجرد كلام، بينما تظهر الوقائع أن لبنان تغرق أكثر في الأزمات؟
ورأى الباحث أن الحل الحقيقي للخروج من دوامة تشكيل الحكومات هو تطبيق كامل بنود الدستور، لا انتقائها وفق المصالح السياسية. فاعتماد نظام يقوم على تداول السلطة وفق الأكثرية النيابية، مع ضمان تمثيل الطوائف في مجلس الشيوخ، يمكن أن يكون خطوة نحو إنهاء التعطيل المتكرر، ووضع لبنان على سكة الاستقرار السياسي والمؤسساتي.
وختم بهجة مقاله بالإشارة إلى أن لبنان بلغت “آخر الوراء”، ولم يبق مزيد من التراجع. فهل يكون الحل في العودة إلى جوهر اتفاق الطائف، أم سيبقى البلد رهينة الحسابات الطائفية الضيقة؟
فاطمة الزهراء الجلاد.