سياسة
Le7tv.ma Send an email 12/02/2025
مسرحية الكنيست الهزلية: كيف يوظف نتنياهو المعارضة الوهمية لخداع الداخل والخارج ؟

في المشهد السياسي الإسرائيلي، يبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتقن فن المناورة السياسية أكثر من إدارته الفعلية للحكم. فالمعارضة، التي يفترض أن تكون قوة رادعة لسياساته، لا تتعدى كونها ديكورا سياسيا في مسرحية محسوبة الأدوار، هدفها تضليل الشارع الإسرائيلي والمجتمع الدولي.
معارضة شكلية دون تهديد حقيقي
رغم الانتقادات المتكررة التي يوجهها كل من بيني غانتس ويائير لابيد لحكومة نتنياهو، إلا أن هذه المعارضة لم تتجاوز الخطاب الإعلامي إلى الفعل السياسي المؤثر. لم يسع قادتها إلى اتخاذ إجراءات جذرية مثل الانسحاب من الائتلاف الحكومي أو الدفع نحو انتخابات مبكرة، بل ظلت كل تحركاتهم داخل إطار يسمح لنتنياهو بمواصلة سياساته دون تهديد جدي. حتى محاولات حجب الثقة عن الحكومة باءت بالفشل، مما يؤكد أن الضجة الإعلامية لم تكن سوى استعراض سياسي لا تأثير عمليا له.
نتنياهو وسيطرته على اللعبة الإعلامية
من المعروف أن نتنياهو خبير في توجيه الرأي العام وتحويل الأزمات إلى مكاسب سياسية. السماح بمقاطعة خطابه داخل الكنيست قد يكون خطوة محسوبة بدقة، حيث يقدم نفسه كزعيم يتعرض لهجوم داخلي، بينما في الحقيقة يظل ممسكا بزمام الأمور دون أي تحد حقيقي. مثل هذه الخطوة تمنحه هامشا للمناورة، سواء داخليا عبر كسب التعاطف، أو خارجيا عبر تقديم صورة مضللة عن مدى قوة المعارضة في إسرائيل.
وهم الانقسام السياسي
تحاول الحكومة الإسرائيلية إقناع الداخل والخارج بأن هناك خلافا جوهريا حول إدارة الصراع مع المقاومة الفلسطينية. غير أن الواقع يعكس اتفاقا عاما بين الأحزاب الصهيونية على استمرار العدوان، مع اختلافات طفيفة في الأساليب والتكتيكات. هذه المسرحية السياسية تهدف إلى امتصاص غضب الشارع الإسرائيلي، وخصوصا عائلات الأسرى، من خلال الإيحاء بوجود تحركات سياسية جادة، رغم أن الواقع لا يعكس أي تغيير جوهري.
التلاعب بملف الأسرى والمفاوضات
تزامنت هذه المسرحية السياسية مع إعلان المتحدث العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، تأجيل إطلاق سراح الأسرى، وهو ما قد يوظفه نتنياهو لصالحه. فمن جهة، يمكنه الإيحاء بأنه لا يخضع للضغوط الداخلية، ومن جهة أخرى، قد يستغل الحدث لتبرير تصعيد جديد ضد غزة أو لتعقيد المفاوضات مع الوسطاء، كقطر ومصر، من أجل فرض شروط أكثر ملاءمة له.
خداع ممنهج في مشهد متكرر
ما جرى في الكنيست ليس سوى فصل جديد في خطة نتنياهو لإطالة أمد حكمه، عبر خلق معارضة وهمية تمنحه هامشا من المناورة دون تهديد حقيقي. هذه المسرحية تخدم أهدافا متعددة، أبرزها:
1. الإيحاء بوجود انقسام سياسي دون أي تغيير فعلي في السياسات الإسرائيلية.
2. منح نتنياهو ذريعة للتهرب من تنفيذ أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار.
3. تهدئة الشارع الإسرائيلي عبر افتعال “معركة سياسية” لا أثر حقيقيا لها.
في النهاية، يبقى نتنياهو سيد المشهد، يحرك خيوط اللعبة وفق مصالحه، بينما يظل الإسرائيليون والعالم ضحايا الخداع السياسي المنهجي الذي بات جزءا من يوميات السياسة الإسرائيلية.
فاطمة الزهراء الجلاد.