
في تطور غير مسبوق داخل الاتحاد الإفريقي، فشلت الجزائر في تأمين مقعدها داخل مجلس السلم والأمن، الهيئة المسؤولة عن تعزيز الأمن والاستقرار في القارة. ورغم أن الجزائر كانت تحتفظ بمقعد شبه دائم في المجلس لعقود، فإنها لم تتمكن هذه المرة من الحصول على العدد اللازم من الأصوات، ما يعكس تراجعا واضحا لنفوذها الدبلوماسي داخل القارة.
انتخابات المجلس.. تغييرات بارزة ومقعد شاغر
اجتمع مجلس السلم والأمن، أحد أهم مؤسسات الاتحاد الإفريقي، لانتخاب خمسة أعضاء جدد ضمن تشكيلته المكونة من 15 عضوا. وأسفرت الانتخابات عن اختيار الدول التالية لتمثيل مناطقها:
– إثيوبيا عن شرق إفريقيا
– إسواتيني عن جنوب إفريقيا
– الكاميرون عن وسط إفريقيا
– نيجيريا عن غرب إفريقيا
لكن مقعد شمال إفريقيا ظل شاغرا، في ظل فشل الجزائر في تأمين الأغلبية المطلوبة (ثلثي الأصوات) ولا أحد يريد الجزائر بعد الآن، رغم أنها كانت تحتفظ بمقعد شبه دائم لعقود.
ضربة دبلوماسية قاسية للجزائر
كانت الجزائر تعتبر واحدة من أكثر الدول نفوذا داخل مجلس السلم والأمن الإفريقي، حيث شغلت مقعدا شبه دائم لسنوات طويلة، مستندة إلى تاريخها في دعم حركات التحرر الإفريقية وملفات مكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي. غير أن هذا النفوذ بدأ في التراجع تدريجيا، ليصل إلى ذروته في الانتخابات الأخيرة، حيث عجزت عن الفوز بالمقعد.
لماذا خسرت الجزائر دعم الدول الإفريقية؟
تطرح عدة تساؤلات حول أسباب هذا الفشل غير المسبوق، ومن أبرز العوامل التي أدت إلى ذلك:
1. تراجع التأثير الدبلوماسي: رغم جهود الجزائر في استقطاب الدعم الإفريقي، إلا أن سياستها الخارجية فقدت الكثير من بريقها في السنوات الأخيرة، بسبب التوترات السياسية الداخلية والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
2. الخلافات الإقليمية: تزايدت حدة الخلافات بين الجزائر وبعض الدول الإفريقية، لا سيما مع المغرب، الذي عزز نفوذه داخل الاتحاد الإفريقي في السنوات الأخيرة.
3. تغير التحالفات داخل الاتحاد الإفريقي: أصبحت العديد من الدول الإفريقية أكثر استقلالية في قراراتها، ولم تعد تتحرك وفق النفوذ التقليدي للدول الكبرى مثل الجزائر، وهو ما ظهر في هذه الانتخابات.
4. ضعف الأداء الدبلوماسي: مقارنة بدول أخرى، لم تستطع الجزائر تقديم استراتيجية فعالة لكسب تأييد الأغلبية المطلوبة، مما جعلها تخسر التأييد الذي كانت تعتمد عليه في الماضي.
5- الاتهامات التي وجهتها مالي للجزائر خلال دعمها لجماعات إرهابية في البلاد، بالإضافة إلى التوتر الحاصل بينها وبين سوريا بعد أن تم القبض على مجموعة من أعضاء الجيش العسكري والبوليساريو.
ما الذي يعنيه غياب الجزائر عن مجلس السلم والأمن؟
يعد مجلس السلم والأمن الذراع التنفيذية للاتحاد الإفريقي في القضايا الأمنية، حيث يتدخل في حل النزاعات، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في القارة. ومع غياب الجزائر عن المجلس، قد تفقد نفوذها في ملفات حساسة مثل الوضع في الساحل الإفريقي وليبيا، حيث كانت تلعب دورا رئيسيا.
في المقابل، قد تستغل دول أخرى هذا الفراغ لتعزيز نفوذها داخل المجلس، وعلى رأسها المغرب، الذي بات لاعبا رئيسيا في المشهد الإفريقي، بالإضافة إلى دول مثل مصر ونيجيريا وجنوب إفريقيا، التي تملك حضورا قويا في القارة.
تعكس هذه الانتخابات تحولا في موازين القوى داخل الاتحاد الإفريقي، حيث لم يعد النفوذ التاريخي كافيا لضمان مقعد في أهم المؤسسات الإفريقية. فشل الجزائر في تأمين مقعدها بمجلس السلم والأمن يشير إلى تراجع دبلوماسي واضح، ويضعها أمام تحد كبير لاستعادة ثقة القارة وإعادة بناء تحالفاتها.
فاطمة الزهراء الجلاد.