
شهدت العاصمة الفرنسية باريس، يومي 10 و11 فبراير، انعقاد قمة العمل حول الذكاء الاصطناعي، بتنظيم مشترك بين فرنسا والهند. وفي هذه الفعالية العالمية، كان للمغرب حضور مميز، عكس إدراكه المبكر لأهمية هذه التكنولوجيا ودورها المحوري في التنمية.
وقد مثلت المملكة في هذا الحدث الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، السيدة أمل الفلاح السغروشني، التي أكدت أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفا، بل ضرورة حتمية يجب التعامل معها بجدية. وأوضحت الوزيرة، التي تمتلك خبرة واسعة في هذا المجال كونها مؤسسة “حركة الذكاء الاصطناعي”، أن هذه التكنولوجيا لا تستدعي الخوف، بل تتطلب استثمارا وتوظيفا حكيما.
إطلاق شراكة عالمية للذكاء الاصطناعي والمغرب في الصدارة
ضمن فعاليات القمة، انضم المغرب إلى ثمانية بلدان، إضافة إلى جمعيات وشركات رائدة، لإطلاق شراكة عالمية تحت اسم “Current AI”، بتمويل أولي بلغ 400 مليون دولار. تهدف هذه المبادرة إلى تمكين جميع دول العالم من تطوير ذكاء اصطناعي يتناسب مع احتياجاتها، مع ضمان موثوقيته وتقليص المخاوف المرتبطة به.
وقد جاء انخراط المغرب في هذه الشراكة نتيجة لما راكمه من خبرات في المجال، بفضل استثماراته في مراكز التميز، وشركاته الناشئة المبتكرة، وكفاءاته الهندسية الشابة، مما جعله في موقع متقدم للمنافسة في السباق العالمي نحو الريادة في الذكاء الاصطناعي.
التزام دولي نحو ذكاء اصطناعي مستدام
لم يقتصر دور المغرب في القمة على المشاركة فقط، بل كان من بين الدول الستين التي وقعت على “إعلان باريس”، وهو التزام دولي لضمان ذكاء اصطناعي مستدام وشامل يخدم الإنسان والكوكب.
وقد تعهدت الدول الموقعة على تعزيز إمكانية الوصول إلى الذكاء الاصطناعي لتقليص الفجوة الرقمية، مع التأكيد على ضرورة أن يكون متاحا للجميع، شفافا، أخلاقيا، وآمنا، وفق الأطر الدولية المعتمدة.
طنجة ومراكش: منصتان للنقاش حول الذكاء الاصطناعي
بالتوازي مع قمة باريس، نظم المغرب مؤتمرا في طنجة حول الفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم، وهو ما يؤكد توجه المملكة نحو تعزيز هذه التكنولوجيا في المجالات الحيوية.
كما تستعد مراكش لاحتضان قمة “جيتكس أفريقيا المغرب”، بين 14 و16 أبريل، والتي ستجمع كبار صناع القرار والخبراء في مجال التكنولوجيا، لمناقشة الابتكار والتحولات الرقمية في القارة الإفريقية.
الشركات الناشئة المغربية تفرض وجودها عالميا
في قمة باريس، برزت شركة “Mahaam”، وهي شركة ناشئة مغربية اختيرت ضمن 50 مشروعا لتمثيلها في المنتدى. وتعمل هذه الشركة، التي يقودها شباب مغاربة ينشطون بين فرنسا والمغرب وكندا، على تقديم حلول مبتكرة لمساعدة الصناعات الأكثر استهلاكا للطاقة في التحول الرقمي والمستدام.
وقال سهيل مايا، المؤسس المشارك للشركة، إن حضورهم في القمة يعكس الإمكانات الكبيرة للمغرب في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك بفضل الرؤية الاستراتيجية للملك محمد السادس، والدعم المستمر للابتكار والتكنولوجيا.
كما أشار إلى أن المشاركين في القمة أبدوا إعجابا ملحوظا بالتقدم الذي يحرزه المغرب في هذا المجال، ما يؤكد أن المملكة تخطو خطوات ثابتة نحو تحول رقمي شامل.
المغرب ومستقبل الذكاء الاصطناعي
لم يكن انخراط المغرب في الثورة الرقمية وليد الصدفة، بل هو نتيجة استراتيجية وطنية استباقية، استثمرت في البحث العلمي، والابتكار، والتكوين الأكاديمي، والتعاون الدولي.
ويبدو أن المملكة عازمة على تعزيز مكانتها كمركز تكنولوجي في القارة الإفريقية، ليس فقط عبر دعم الشركات الناشئة، بل أيضا من خلال إشراك الشباب المغربي في الحوارات الدولية حول التحولات التكنولوجية، كما ظهر في قمة باريس، حيث تميز الشباب المغاربة بحضورهم القوي، وارتدائهم دبابيس خريطة المملكة بفخر، وهو ما يعكس طموحهم للمساهمة في مستقبل رقمي يضع المغرب في قلب المشهد العالمي.
فاطمة الزهراء الجلاد.